للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها ... الحديث (١).

وجه الاستدلال:

قَدَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة الصلاة النساء على آل عمران، فدل على جواز التنكيس، أو أن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم حين قدموا آل عمران على النساء، وإذا كان الترتيب اجتهاديًّا لم تكن مخالفته مكروهة شرعًا، والله أعلم.

* وأجيب على هذا:

بأن ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم من مخالفة للترتيب فمحمول على أحد أمور، منها:

إما لبيان أن هذا الترتيب ليس بواجب، وهذا لا ينافي كراهة التنكيس.

وإما أن هذا كان قبل العرض الأخير، وذلك أن جبريل عليه السلام كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل عام مرة، فعرض عليه القرآن مرتين في العام الذي قُبِضَ فيه (٢)، فالعرضة الأخيرة هي التي اعتمدها الصحابة، واستقر عليها الأمر، وربما تكون العرضة الأخيرة لم تبلغ أُبَيًّا وابن مسعود رضي الله عنهما.

وإما أن هذا كان في النفل، والنفل أوسع من الفرض.

* ورد هذا الجواب:

بأن هذه احتمالات عقلية، فإما هذا، وإما هذا، وإما ذاك، فليس على هذه الاحتمالات إلا مجرد التجويز العقلي، وإلا لتعين أحدها، ويحتمل مع هذه الثلاثة احتمال رابع، وهو الأصل، وهو أنه فعل هذا لبيان الجواز، وأن التنكيس ليس بمكروه، وكون الترتيب هو الغالب من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يؤخذ منه استحباب الترتيب، لا كراهة التنكيس، ولا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه، فالقول: إن التنكيس المنقول من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز مع بقاء الكراهة مردود من أكثر من وجه.

الوجه الأول: أن المكروه شرعًا: هو ما نهى عنه الشارع، لا على سبيل الإلزام، ولم يرد في هذا الباب نهي عن التنكيس حتى يقال بالكراهة.


(١). رواه مسلم (٢٠٣ - ٧٧٢).
(٢). رواه البخاري (٤٩٩٨) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين (عثمان بن عاصم الأسدي)، عن أبي صالح (السمان)، عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>