للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل المكلف كتحية المسجد والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف، فالداخل هو الذي أوجب على نفسه تحية المسجد بالدخول.

• ويناقش:

القول بأن الداخل هو الذي تسبب في مخاطبته بالصلاة مُسَلَّم، وأما الذي لا يسلَّم، ويعتبر دعوى في محل النزاع القول بأن الداخل هو الذي أوجب على نفسه تحية المسجد، فهل كان الخلاف إلا في دعوى الوجوب، فأين الدليل على وجوبها؟

الدليل الرابع:

(ح-١٠٩٧) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب، أخبره،

عن أبي واقد الليثي، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فأقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، فأما أحدهما، فرأى فرجة في الحلقة، فجلس وأما الآخر فجلس خلفهم، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم: فأوى إلى الله، فآواه الله، وأما الآخر: فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر: فأعرض فأعرض الله عنه (١).

وجه الاستدلال:

ظاهر الحديث أن من جلس في الحلقة لم يُصَلِّ تحية المسجد، فدل على عدم وجوبها.

فإن قيل: إن الحديث لم يتعرض لتحية المسجد لا في نفي ولا إثبات، وسكوت الراوي لا يمنع من احتمال الفعل، وعدم النقل ليس نقلًا للعدم.

• ورد هذا:

أن احتمال صلاة النفر الثلاثة لتحية المسجد مجرد احتمال، والأصل عدمه حتى ينقل.

• وأجيب على هذا الرد:

كون النفر الثلاثة لم يصلوا تحية المسجد هذا جاء على وفق البراءة الأصلية، وخبر أبي قتادة المتفق على صحته بالأمر بالصلاة إذا دخل المسجد ناقل عنها، وأكثر أهل الأصول يرجحون الخبر الناقل عن البراءة على الخبر المقرر لها، ولأن الأخذ بالناقل


(١). صحيح البخاري (٤٧٤)، ورواه مسلم (٢١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>