ويمكن أن يكون الاستحباب مذهبًا لزيد بن ثابت رضي الله عنه حيث أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ بمرضه بالمرسلات فهو يدل على أنه في الصحة يقرأ بأطول من ذلك.
فصار الخلاف بين الأئمة الأربعة على ثلاثة أقوال:
الكراهة، والجواز، والاستحباب أحيانًا.
* دليل من قال: يكره القراءة في المغرب من طوال المفصل:
الدليل الأول:
(ح-١٥٥١) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا صلى أحدُكم للناس فليُخفِّفْ؛ فإنَّ فيهم الضعيفَ والسقيمَ والكبيرَ، وإذا صلى لنفسه فليُطوِّلْ ما شاء.
ورواه مسلم من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد به (١).
وجه الاستدلال:
فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتخفيف الصلاة، والجمهور على أنه للاستحباب، وقد قيل: إنه على الوجوب، وسبق نقل الخلاف فيه.
الدليل الثاني:
كل الأدلة التي سقناها في المسألة السابقة على أن السنة في قراءة المغرب أن تكون من قصار المفصل يستدل بها هؤلاء على كراهة إطالة القراءة في صلاة المغرب، من ذلك: حديث رافع المتفق عليه أنهم كانوا ينتضلون بعد صلاة المغرب، وكانوا يبصرون مواقع نبلهم مما يدل على مداومة تخفيف القراءة فيها، وإذا كانت هذه هي السنة، فإن مخالفة السنة يوقع في المكروه.
* ويناقش من أكثر من وجه:
الوجه الأول:
أن هذه الأدلة لا تمنع كون النبي - صلى الله عليه وسلم - يطيل القراءة في صلاة المغرب أحيانًا،