للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت؟ اقرأ بسورة والليل إذا يغشى ونحوها، فإذا كَرِهَ له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ في العشاء مع سعة وقتها، فصلاة المغرب مع ضيق وقتها أحرى بذلك (١).

* ويناقش:

يمكن حَمْلُ كراهة التطويل لمعاذ وأمره بالتخفيف مراعاة لحال بعض جماعته ممن شكا للنبي - صلى الله عليه وسلم - من تطويل معاذ، وإذا رغب بعض الجماعة بالتخفيف لزم الإمام ذلك، وكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف لسماع بكاء الصبي رفقًا بأمه.

وحَمْلُ التطويل في حال كانت الجماعة محصورة، ورغبوا في الإطالة، أو ظن الإمام منهم ذلك، ولم يكن بينهم رجل معذور؛ إذ لو كانت الإطالة مكروهة مطلقًا لما وجدت الشيخين أبا بكر وعمر يطيلان القراءة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى صليا بالبقرة وآل عمران ونحوها من السور الطوال في بعض الصلوات، وقد علما إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - على معاذ تطويله القراءة.

الدليل الرابع:

أن هناك من كره إطالة القراءة في صلاة المغرب بناء على أن وقت المغرب ليس لها إلا وقت واحد إذا غربت الشمس، وهي إحدى الروايتين عن مالك، والتي حكاها العراقيون عن المذهب، والشافعي في الجديد اعتمادًا على حديث إمامة جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تعليم المواقيت حيث صلى المغرب في اليومين في وقت واحد حين غابت الشمس.

* ونوقش من وجهين:

الوجه الأول:

الصحيح أن وقت المغرب وقت طويل، يمتد إلى مغيب الشفق، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة كحديث بريدة، وحديث أبي موسى، وحديث عبد الله ابن عمرو (٢)، وكلها في صحيح مسلم، وهي أحاديث مدنية، وحديث إمامة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة، وهو متأخر، وممن قال: إن وقت المغرب وقت طويل الحنفية، والحنابلة، ومالك في إحدى الروايتين، وهو مذهب الموطأ، والقول


(١). انظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٨١).
(٢). صحيح مسلم (٦١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>