للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل خلاف ذلك، كرهنا، وأجزأه» (١).

وقيل: الإسرار في السرية شرط لصحة الصلاة، قال ابن أبي ليلى: «من جهر فيما يسر به أعاد بهم الصلاة إن كان إمامًا» (٢).

فصار الجهر والإسرار في موضعه يرجع إلى ثلاثة أقوال:

أحدهما: يجب. والثاني: يسن، والثالث: شرط.

فإن خالف فعلى القول بالوجوب: تحرم المخالفة.

وعلى القول بالسنية: فقيل: يكره. وقيل: يعيد إن كان متعمدًا، ويسجد للسهو إن كان ساهيًا.

وأضعف الأقوال القول بالشرطية، وحكيته دفعًا للاستدراك ليس إلا.

ونؤجل أدلة سجود السهو إلى موضعه من البحث، فالفقهاء أفردوه في مبحث مستقل.

* دليل من قال: يجب الجهر والإسرار في محله:

الدليل الأول:

أمر الله تعالى في كتابه بإقامة الصلاة، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}.

وهذا أمر مجمل مفتقر إلى بيان، فجاءت السنة المبينة من فعله - صلى الله عليه وسلم - في بيان إقامتها، ومن ذلك أنه كان يجهر في بعض الصلوات، ويسر في بعضها، فتكون هذه الأفعال لها حكم الأمر المجمل، فإذا كان الأمر بإقامة الصلاة للوجوب، فكذلك بيانه يأخذ حكمه.

* ويناقش:

بأن (أل) في الصلاة للعهد، لأن الصلوات الخمس قد نزلت مفسرة بمكة من صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عباس، وحديث جابر وسبق تخريجهما، ثم جاءت آيات كثيرة مدنية بعد ذلك تأمر بإقامة الصلاة، فكان الخطاب متوجهًا لصلاة معهودة قد عرفوها، فلم تكن مفتقرة إلى البيان، وعليه فيكون قوله: {وَأَقِيمُوا


(١). المحلى (٣/ ٢٥).
(٢). المسالك في شرح موطأ مالك (٢/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>