للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةَ} نصًّا في إفادة وجوب الصلاة لا أكثر، وهو ليس بمجمل.

الدليل الثاني:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على كل من الجهر والإسرار في موضعه، ولم يُخِلَّ به مرة واحدة، فصارت المواظبة على الجهر والإسرار في العبادة صفة لازمة، لملازمة النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه الصفة، وأخذت صفة القراءة حكم القراءة نفسها، فإذا كانت القراءة واجبة فهي واجبة بالصفة التي تُلُقِّيَتْ عن الشارع من جهر وإسرار، فلا تنفك العبادة الواجبة عن صفتها، فمن خالف هذه الصفة فإنه يصدق عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، والأصل في الأمر الوجوب (٢).

* ويناقش هذا الدليل من وجوه:

الوجه الأول:

أن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب إلا أن يكون بيانًا لمجمل، ويكون ذلك المجمل واجبًا، فيأخذ الفعل حكم ذلك المجمل، والمواظبة على الفعل ليست قرينة تصرف الفعل من الاستحباب إلى الوجوب، لوجود سنن كثيرة واظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل أحد بوجوبها، نعم الملازمة قد تجعل هذا الفعل من السنن المؤكدة، وإذا لم يحفظ في الشرع أمر بالجهر أو بالإسرار فلا يمكن القول بالوجوب.

الوجه الثاني:

(ح -١٥٧٨) أن دعوى المواظبة فيها نزاع، فقد روى البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير قال: حدثني عبد الله بن أبي قتادة

عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بأم الكتاب وسورة معها في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر وصلاة العصر، ويسمعنا الآية أحيانًا ... الحديث


(١). رواه مسلم (١٨ - ١٧١٨) من طريق سعد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة.
ورواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم في باب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم، فأخطأ خلاف الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فحكمه مردود (٩/ ١٠٧).
(٢). رواه البخاري (٦٠٠٨) من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث.

<<  <  ج: ص:  >  >>