للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجبات الصلاة عن شرح المنية: «أنه لا ينبغي أن يعدل عن الدراية أي الدليل إذا وافقتها رواية» (١).

* واختلف جواب الحنفية عن حديث أبي قتادة: (ويسمعنا الآية أحيانًا).

فقال بعضهم: إنه كان لتعليم ما يقرأ، لا أن الجهر في نفسه مقصود، فلا يكون الحديث دليلًا على أن الجهر في نفسه سنة، كما كان يجهر بعض الصحابة بالتسمية، وبدعاء الاستفتاح ولم يكن الجهر بهما سنة بل تعليمًا بأنه يقرأ (٢).

وهذا الجواب من أقوى الأجوبة، لكنه لا يخلص الحنفية، فلو كان الإخفات والجهر واجبين في محلهما لما جهر النبي - صلى الله عليه وسلم - في السرية من أجل التعليم، فلا يتصور ارتكاب الحرام مع إمكان التعليم بالقول خارج الصلاة، وهو أبلغ من التعليم بالفعل؛ لأن الفعل يدخله من الاحتمالات ما لا يدخل القول.

وقال علي القارئ الحنفي في شرح المشكاة: قوله: (وكان يسمعنا الآية أحيانًا) لا يجوز حمله على بيان الجواز؛ لأن الجهر والإخفاء واجبان على الإمام، إلا أن يراد ببيان الجواز سماع الآية أو الآيتين لا يخرجه عن السر (٣).

وقال في بدائع الصنائع: «لما ورد الحديث مُقَدَّرًا بآية أو آيتين ولم يرد بأزيد من ذلك كانت الزيادة تركًا للواجب، فيوجب السهو» (٤).

* وَيَرِدُ عليه:

بأن الجهر لا يخلو إما أن يكون مباحًا، فالكثير منه والقليل سواء، أو يكون محظورًا، فالقليل والكثير منه سواء، ولا يجوز أن يُفَرَّق في الحرام بين القليل والكثير إلا بنص يعتمد عليه في التفريق، والأصل أن إباحة القليل دليل على إباحة


(١). حاشية ابن عابدين (٢/ ٨٢).
(٢). فيض الباري (٢/ ٣٥٢)، وانظر: شرح المصابيح لابن الملك (١/ ٤٩٦).
وقال الحسين بن محمود الشيرازي الحنفي في المفاتيح في شرح المصابيح (٢/ ١٢٩): قوله: (ويسمعنا الآية أحيانًا) يعني يقرأ في صلاة الظهر سِرًّا، وربما يرفع صوته ببعض كلمات الفاتحة، أو السورة بحيث نَسْمَعُ حتى نعلم ما يقرأ من السورة».
(٣). انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٢/ ٦٨٨).
(٤). بدائع الصنائع (١/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>