ورواه مسدد في مسنده كما في إتحاف الخيرة (١٠٧٦) حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله، قال: كنا جلوسًا عند ابن عباس، فسأله رجل ... وذكر الحديث. وكان قد رواه مسدد كما في إتحاف الخيرة (٥٣٤) في كتاب الطهارة باب المحافظة على الوضوء، فرواه عن حماد به، وقال: عبد الله بن عبيد الله على الصواب. وقد خَطَّأ أبو زرعة وأبو حاتم الرازي حماد بن سلمة كما في العلل لابن أبي حاتم (١/ ٤٦٥) رقم: ٤٤. وخطأ البخاري الثوري فيما نقله عنه الترمذي، وقد تابع الثوري وحماد بن سلمة تابعهم حماد بن زيد في إحدى روايتيه: من رواية مسدد ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن عيسى الطَّبَّاع عنه، وكذلك روى معاذ بن هشام، عن أبيه، عن أبي جهضم، فقال: عبيد الله بن عبد الله، ذكر ذلك ابن حبان في الثقات (٥/ ٧٠)، والذهبي في الثقات مما لم يقع في الكتب الستة (٧٤٣٩). فهذا الثوري وهشام الدستوائي، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد في إحدى روايتيه، يتفقون على ذكر (عبيد الله بن عبد الله بن عباس) فإما أن يكون الخطأ من هؤلاء جميعًا، وإما أن يكون الخطأ ممن حدثهم، فتكون العهدة على أبي جهضم، فهو وإن كان ثقة فإن الخطأ على الواحد أقرب من الخطأ على الجماعة. قال أحمد: أبو جهضم موسى بن سالم: ليس به بأس. قلت له: ثقة؟ قال: نعم. كما وثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، صدوق، مثله لا يقارن بالثوري وهشام، وحماد بن زيد، ومعهم حماد بن سلمة، والله أعلم. فإذا علمت هذا الاختلاف في إسناده: أهو من رواية عبد الله بن عبيد الله بن عباس (الثقة)، عن عمه عبد الله بن عباس، أم هو من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عباس (فيه جهالة) عن أبيه؟ وعبيد الله بن عبد الله بن عباس ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٣٢٠)، وسكت عليه، فلم يذكر فيه شيئًا. وذكره ابن حبان في ثقاته (٥/ ٦٩)، وما ذكر في ثقات ابن حبان دون توثيق ليس في درجة من عرفه ابن حبان ووثقه، ففيه جهالة. وقد رجح البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة أنه من رواية عبد الله بن عبيد الله بن عباس، فيكون الحديث صحيحًا، وقد صحح الحديث الترمذي في السنن، فقال: حسن صحيح. وصححه ابن خزيمة حيث أخرجه في صحيحه. وصححه النووي في المجموع (٣/ ٣٦١). وإذا رجحنا أنه من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عباس المجهول فلم ينفرد به عن ابن عباس، فقد تابعه عكرمة عن ابن عباس، فكان الحديث صحيحًا، لا شك في صحته إن شاء الله تعالى إلا أنه قد رواه عنه على الشك: لا يدري أكان يقرأ أم لا؟ والشك في مشروعية العبادة كالجزم بعدم مشروعيتها؛ لأن كُلًّا منهما يؤدي إلى القول بعدم المشروعية، لأن الأصل في العبادات المنع، لكن ابن عباس أحيانًا يجزم بعدم قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحيانًا يكون أكثر دقة في الحكم بحيث يقول: لا تقرأ؛ لأني لا أدري أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ أم لا.