للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس قرآنًا، بخلاف الصلاة، فإن التعبد بالقراءة فيها متعين، ولا يجوز بغير ما أنزل الله، سواء أفهم المصلي ما يقرؤه أم لا، فلو أن عربيًّا عجز عن حفظ الفاتحة لم يتعبد الله في صلاته بقراءة تفسيرها، ولو أبدل كلمة عربية بأخرى مرادفة لها ولو كانت عربية لم يكن ذلك قرآنًا، فكذلك الأعجمي.

وإنما قلنا: ترجمة تفسير القرآن؛ لأن ترجمة القرآن ترجمة حرفية والتي تعني إبدال لفظة بلفظة أخرى تقوم مقامها غير ممكنة بخلاف التفسير، فإن القرآن كما يفسر بالعربية، يفسر باللغات الأخرى، وجميع التفسيرات ليست قرآنًا، ولأن الترجمة الحرفية تؤدي إلى ادعاء إمكان وجود مثلٍ للقرآن، وكل مثلٍ للقرآن فهو مستحيل، ويلزم منه تكذيب قوله تبارك وتعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨].

الوجه الثاني:

قال أبو الطيب الطبري: «الإنذار للأعجمي بالقرآن حصل به، وإن كانت الترجمة طريقًا إلى معرفة ذلك، كما أن قاضيًا لو شهد عنده شاهدان بالعجمية، وترجم له عن شهادتهما، فإن الحق يثبت عنده بشهادتهما، لا بالترجمة عنهما، يدل على ذلك أنهما لو رجعا عن الشهادة بعد استيفاء الحق بها لألزمهما القاضي الغرم، ولم يلزم المترجم شيئًا» (١).

الدليل الثاني:

(ح-١٥٩٨) ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال:

سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: وفيه: .... قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسر (٢).

وجه الاستدلال:

فإذا كان بنو تميم وهوازن وعرب اليمن لم يلزموا بتعلم لغة قريش لغة القرآن،


(١). التعليقة الكبرى في الفروع، كتاب الصلاة، رسالة علمية (ص: ٣٤١).
(٢). صحيح البخاري (٢٤١٩)، وصحيح مسلم (٢٧٠ - ٨١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>