للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء لجعله قرآنًا أعجميًّا فليس البحث في القدرة الإلهية، فالله قادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء سبحانه، وإنما شاء الله سبحانه وتعالى قدرًا أن ينزله قرآنا عربيًّا، كما شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعل خاتم الأنبياء والرسل من العرب، ولو شاء الله لجعله من العجم، فالمترْجَمُ ليس هو القرآن الذي تكلم الله فيه، وأنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتحدى به العرب بأن يأتوا بسورة من مثله.

الدليل الرابع:

أن القرآن يبقى قرآنًا ولو ترجم بغير العربية، لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِين} [الشعراء:١٩٦]، وقال تعالى: {أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى} [طه:١٣٣]، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}. [الأعلى:١٨؛١٩]

فلما كانت معاني القرآن موجودة في هذه الكتب، وهي كتب غير عربية، صح أن يقال: إنه فيها، فكذلك الترجمة حيث تشتمل على معاني القرآن.

* ونوقش:

بأن الموجود في الزبر الأولى ذكره، ووصفه، والإخبار عنه، كما في قوله تعالى: {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف: ١٥٧].

الدليل الخامس:

نسب إلى كتاب النهاية والدراية أن الفرس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم للعربية، وقد عرض ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكر عليه.

[لا أصل له، فلم يوقف له على إسناد] (١).


(١). نسبه إلى النهاية والدراية الألوسي في تفسيره (روح المعاني) (٦/ ٣٦٥)، والزرقاني في مناهل العرفان (٢/ ١٥٩)، وهذا الكتاب لم يوقف عليه، ولا يدرى أذكره مسندًا أم معلقًا، ولا أعلم أهو من كتب الفقه أم هو من كتب الرواية، وإن كان ظاهر نقول الحنفية عنه في كتبهم أنهم ينقلون عنه المسائل وليس الروايات، ولم أقف على نقل واحد ينقلون عنه رواية بالأسانيد، ولو كان محفوظًا في الرواية لما انفرد فيه مصدر غير معروف، وقد تعهد الله بحفظ الشريعة، ومِنْ حِفْظها حِفْظُ ما يثبتها من الروايات التي تقوم بها الحجة على الخلق.
وتفيد النقول عن كتاب النهاية والدراية أنه قال: كذا في المبسوط، انظر: مناهل العرفان =

<<  <  ج: ص:  >  >>