وقد نقل الشيخ الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن هذه الرواية من كتاب النفحة القدسية في أحكام القرآن وكتابته بالفارسية للشُّرُ نْبُلالي، وهو فقيه حنفي كان مدرسًا بالأزهر، وتوفي سنة: ١٠٦٩ هـ كما ذكرها السرخسي في المبسوط (١/ ٣٧)، والنووي في المجموع (٣/ ٣٨٠) بلا إسناد. وقد أجاب عنه الزرقاني في مناهل العرفان من وجوه، فقال: «أولها: أن هذا خبر مجهول الأصل، لا يعرف له سند فلا يجوز العمل به. ثانيها: أن الخبر لو كان لَنُقِلَ وَتَوَاتَرَ؛ لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره. ثالثها: أنه يحمل دليل وهنه فيه، ذلك أنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة الفاتحة فلم يكتبها لهم إنما كتب لهم ترجمة البسملة، ولو كانت الترجمة ممكنة وجائزة لأجابهم إلى ما طلبوا وجوبًا وإلا كان كاتمًا، وكاتم العلم ملعون.
رابعها: أن المتأمل في الخبر يدرك أن البسملة نفسها لم تترجم لهم كاملة؛ لأن هذه الألفاظ التي ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يُؤْتَ فيها بلفظ مقابل للفظ الرحمن، وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم. وهذا دليل مادي على أن المراد بالترجمة هنا الترجمة اللغوية، لا العرفية على فرض ثبوت الرواية. خامسها: أنه قد وقع اختلاف في لفظ هذا الخبر بالزيادة والنقص وذلك موجب لاضطرابه ورده ... ». وقد أعرضت عن ذكر الاختلاف في لفظه؛ لأني لم أقف على إسناده لأعرف وجوه الاختلاف من الرواة، وما هو الراجح منها، وهل هذا الاختلاف من الرواة له وجه من الترجيح، أم أنه يوجب الاضطراب؛ لتساوي الطرق.
(١). جاء في مناهل العرفان (٢/ ١٥٩): «قال الشُّرُ نْبُلالي في كتابه النفحة القدسية ما نصه: روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب لهم: (بسم الله الرحمن الرحيم بنام يزدان يحشايند) فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم وبعد ما كتب عرضه على النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا في المبسوط قاله في النهاية والدراية». ويحتمل أن النقل يقصد به إلى آخر الفاتحة، ولكن نقل هذا المقدار وقصد ... إلخ.