للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح، وفيها الضعيف، وفيها الموافق لرسم المصحف وهو الأغلب، وفيها المخالف، فلا تتحقق دعوى أن جميع آحاد هذه القراءات فردًا فردًا قد توفرت فيها شروط القراءة الصحيحة، ويكون إطلاق الموافقة وصحة الإسناد أمرًا نسبيًّا، كإطلاق التواتر.

وأما ما زاد على العشر، فيذهب أصحاب هذا القول إلى الحكم بشذوذه مطلقًا، ولو صح الإسناد، ووافقت القراءة رسم المصحف والقواعد العربية.

وهذا خلاف حقيقي في رسم الشاذ، ومخالف للقول الذي يرى أن القراءة الصحيحة ليست محصورة في القراءات العشر، ولا في غيرها، وأن الشاذ ما اختل فيه ركن من أركان القراءة الصحيحة، وهو مذهب الإمام أحمد، نص عليه الإمام كما سبق، ورجحه ابن الجزري، والإمام أبو شامة، ونسبه السيوطي إلى أئمة المحققين من السلف والخلف، وصار إليه الشوكاني.

يقول أبو شامة في المرشد الوجيز: «لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد السبعة، ويطلق عليها لفظ الصحيحة، وأنها أنزلت هكذا، إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذٍ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف، لا على من تنسب إليه، فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم، وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم» (١).

وقول أبي شامة والأخير من قولي ابن الجزري هو الصحيح المتعين.

وقد قال حرب: «سألت أحمد عن قراءة حمزة، فقال: لا تعجبني، وكرهها كراهية شديدة» (٢).


(١). المرشد الوجيز (ص: ١٧٤).
(٢). طبقات الحنابلة (١/ ٣٩٠)، الجامع لعلوم الإمام أحمد (١٣/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>