للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم: «لو قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان، وقد قرأ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة بعده جازت القراءة بها، ولم تبطل الصلاة بها على أصح الأقوال» (١).

ويقول الشوكاني: ومن عجائب الغلو وغرائب التعصب قولهم: إن القراءة الشاذة من جملة ما يوجب فساد الصلاة، وجعلوها من كلام الناس، وأنه لا يكون من كلام الله إلا ما تواتر، وهي القراءات السبع» (٢).

* دليل من قال: يحرم القراءة بها، فإن فعل بطلت صلاته:

الدليل الأول:

هذه القراءات الشاذة لم تثبت متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر.

يقول النووي: «قال أصحابنا وغيرهم: .... لا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة؛ لأنها ليست قرآنًا، فإن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وكل واحدة من السبع متواترة، هذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه، ومن قال غيره فغالط، أو جاهل، وأما الشاذة فليست متواترة، فلو خالف وقرأ بالشاذة أنكر عليه قراءتها في الصلاة أو غيرها، وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ ... » (٣).

ولأن من تعريف العلماء للقرآن قولهم: المنقول إلينا بالتواتر.

والتواتر: هو ما رواه جماعة، عن جماعة يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب من أول السند إلى منتهاه من غير تعيين عدد على الصحيح.

وصاغ الآمدي الدليل بطريقة أخرى، فقال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مكلفًا بإلقاء ما أنزل عليه من القرآن على طائفة تقوم الحجة القاطعة بقولهم، ومن تقوم الحجة القاطعة بقولهم لا يتصور عليهم التوافق على عدم نقل ما سمعوه منه، فالراوي له إذا كان واحدًا: إن ذكره على أنه قرآن فهو خطأ، وإن لم يذكره على أنه قرآن


(١). أعلام الموقعين تحقيق مشهور (٦/ ٢٠٥).
(٢). السيل الجرار (ص: ١٤٦).
(٣). المجموع شرح المهذب (٣/ ٣٩٢)، وانظر التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٤٣)، مقدمة غرائب القرآن للنيسابوري (١/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>