للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تردد بين أن يكون خبرًا عن النبي عليه السلام، وبين أن يكون ذلك مذهبًا له، فلا يكون حجة» (١).

وكلام الآمدي هو دعوى في محل النزاع.

ويقول أبو القاسم النويري: عدم اشتراط التواتر قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم؛ لأن القرآن عند الجمهور من أئمة المذاهب: هوما نقل بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا، وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر كما قال ابن الحاجب ... صرح بذلك جماعات كابن عبد البر، وابن عطية، والنووي، والزركشي، والسبكي، والإسنوي، والأذرعي، وعلى ذلك أجمع القراء، ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي وتبعه بعضهم (٢).

ومكي قد عاش بين (٣٥٥ إلى ٤٣٧)، فكيف يحسب على المتأخرين.

* ونوقش هذا من وجوه:

الوجه الأول:

أن المصحف الذي جمعه الخليفة عثمان رضي الله عنه، وأجمع عليه الصحابة ثابت بالتواتر القطعي، فهل جميع القراءات السبع أو العشر، أو غيرهما جميع آحادها متواترة، ما اتفق فيه القراء، والروايات والطرق وما اختلفت عليه؟

فالمتواتر يفيد العلم الضروري الذي لا يمكن لأحد دفعه، يقول تاج الدين السبكي عن القراءات العشر: «متواترة معلومة من الدين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل، وليس تواتر شيء منها مقصورًا على من قرأ بالروايات، بل هي متواترة عند كل مسلم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، ولو كان مع ذلك عاميًّا جِلْفًا لا يحفظ من القرآن حرفًا» (٣).


(١). الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ١٦٠).
(٢). إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشرة، تحقيق أنس مهرة (ص: ٨)، وانظر: الإبانة عن معاني القراءات (ص: ١٢٣)، مدخل في علم القراءات (ص: ٥١).
(٣). النشر في القراءات العشر (١/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>