للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا انقطع التواتر عنها في الصدر الأول، لم يحصل لها التواتر فيما بعده.

وإذا كانت قراءة أحدهما آحادًا، ولهذا لم يعلم بها الآخر، فهل كونها آحادًا تكون شاذةً؛ لأنها فقدت صفة التواتر، وكيف يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل واحد منهما: هكذا أنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسير منه، متفق عليه (١)، ثم تكون شاذة.

وكذلك يقال في البسملة، وكيف وقع الخلاف فيها بين القراء والفقهاء: بين من يقول: ليست قرآنًا مطلقًا، بل هي ذكر كتبت للتبرك بها، وبين من يقول: هي آية من كتاب الله على خلاف بينهم، أهي آية مستقلة، أم آية من الفاتحة ومن كل سورة، أم آية من الفاتحة فقط، فلو كان القرآن لا يثبت إلا بالتواتر لما اختلف فيها، والاختلاف فيها لا يمنع من كونها قرآنًا على الصحيح، والقول بأنها متواترة عند بعض القراء وليست متواترة في قراءة بعضهم، فهذا كدعوى الشيء ونقيضه، فلو تواترت لما جاز لأحد أن ينفي قرآنيتها؛ لأن التواتر يفيد العلم الضروري.

قال القسطلاني في اللطائف نقلًا من تفسير القاسمي: اشتراط التواتر بالنظر لمجموع القرآن، وإلا فلو اشترطنا التواتر في كل فرد فرد من أحرف الخلاف انتفى كثير من القراءات الثابتة عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم (٢).

وقد نقل ابن الجزري عن الإمام مكي أبي محمد (٣٥٥ - ٤٣٧) شروط ما يقبل من القراءات وما لا يقبل.

* فذكر من شروط ما يقبل قراءة وقرآنًا ثلاث خلال:

الأولى: أن ينقل عن الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد حاول بعض المعاصرين أن يأخذ من كلمة (الثقات) اشتراط التواتر، باعتبار الثقات جمعًا، وهذا من التكلف، فالتعبير بالثقات باعتبار طبقات السند، بأن يكون الإسناد من ابتدائه إلى منتهاه من رواية الثقة عن مثله، وعلى التنزل فليس كل جمع يدل على التواتر، بل ولا يدل على الاستفاضة والشهرة.


(١). صحيح البخاري (٢٤١٩، ٦٩٣٦)، وصحيح مسلم (٢٧٠ - ٨١٨).
(٢). انظر تفسير القاسمي (محاسن التأويل) (١/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>