للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنقل إلا آحادًا، إلا اليسير منها» (١).

وبصرف النظر عن الراجح من هذا الخلاف فإن اختلافهم يقدح في صحة دعوى التواتر؛ فالتواتر إذا وقع أفاد العلم الضروري، الذي يضطر الإنسان إليه، بحيث لا يمكن دفعه، ولا يعول فيه على إسناد، ولا على غيره، ويحصل للعامي كما يحصل للعالم، واختلافهم في تواتر القراءات دليل على أنه من قبيل العلم النظري القائم على النظر والاستدلال، ويستفاد منه الظن، وليس القطع، مع القول بوجوب العمل به.

* ولهذا اختلف العلماء في اشتراط التواتر على أربعة أقوال:

أحدها: أن القرآن متواتر مطلقًا، سواء ما كان منه من جوهر اللفظ كمالك، وملك، أم كان منه من قبيل الأداء والهيئة: كالتفخيم والترقيق، والمدِّ والإدغام ونحو ذلك، وهذا قول الجمهور.

الثاني: أن القرآن ليس متواترًا مطلقًا، لا في أصله، ولا في هيئته، عكس القول الأول.

الثالث: أن القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء، وهو اختيار ابن الحاجب وغيره.

قال ابن الحاجب: القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء، كالمد، والإمالة، وتخفيف الهمزة ونحوه (٢).

يعني: فيما زاد على القدر المشترك في المد ونحوه، وإذا لم يثبت متواترًا فيكفي شهرته واستفاضته.

قال ابن الجزري: ولا نعلم أحدًا تقدم ابن الحاجب إلى ذلك (٣).

الرابع: التوقف في اشتراط التواتر في القرآن، وإليه ذهب ابن الأمير الصنعاني (٤).


(١). المرشد الوجيز (ص: ١٧٨).
(٢). بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٤٦٢).
(٣). النشر في القراءات العشر (١/ ٣٠).
(٤). انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (١/ ٣١٩)، الإتقان في علوم القرآن (١/ ٢٧٣)، معترك الأقران في إعجاز القرآن (١/ ١٢٢)، تفسير القاسمي (١/ ١٩١، ١٩٦)، النشر في القراءات العشر (١/ ٣٠)، منجد المقرئين (ص: ٧٢)، مناهل العرفان (١/ ٤٣٨)، شرح مختصر أصول الفقه للجراعي (١/ ٥٢٢)، الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (١/ ٤١٢)، الاختيارات الأصولية للصنعاني. د. الحرازي رسالة دكتوراه (١/ ٤٦٦، ٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>