للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف وعدم الاحتجاج به فيه موافقة للنفي الأصلي، وبراءة الذمة من التتابع، بخلاف مقابله، فكان أولى» (١).

وسوف أعرض الرد على هذا الجواب في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى.

* دليل من قال: لا يحتج بالقراءة الشاذة:

الدليل الأول:

أن القراءة الشاذة لا تصح قرآنًا لعدم تواترها.

قال الآمدي: «النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مكلفًا بإلقاء ما أنزل عليه من القرآن على طائفة تقوم الحجة القاطعة بقولهم، ومن تقوم الحجة القاطعة بقولهم لا يتصور عليهم التوافق على عدم نقل ما سمعوه منه، فالراوي له إذا كان واحدًا إن ذكره على أنه قرآن، فهو خطأ، وإن لم يذكره على أنه قرآن، فقد تردد بين أن يكون خبرًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين أن يكون ذلك مذهبًا له، فلا يكون حجة» (٢).

بل لا يصح أن يكون خبرًا؛ لأن الخبر ما رواه الراوي صريحًا على أنه خبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو لم يصرح بذلك، فكيف يقبل خبرًا، فتعين أن يكون مذهبًا له، وفي الاحتجاج بقول الصحابي خلاف معلوم في كتب الأصول.

* ويجاب:

ناقشت اشتراط التواتر في الفصل السابق، وأن القرآن الذي جمعه عثمان قد أجمع عليه الصحابة، ونقل نقلًا متواترًا، وأما القراءات فلا يشترط لثبوتها التواتر، فكل قراءة صح سندها، ووافقت العربية من وجه، فإن لم تخالف رسم المصحف فهي قراءة وقرآن؛ لموافقتها ما أجمع عليه الصحابة.

وإن خالفت رسم المصحف، فلا نقطع بقرآنيتها؛ لمخالفتها ما أجمع عليه الصحابة، ولا نقطع بنفي ذلك عنها، بل نثبتها قراءة لعدالة نَقَلَتِهِا، ولا يقرأ بها في الصلاة احتياطًا لركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، ويستفاد منها في الأحكام والتفسير، وإن كنا لا نجزم ببطلان صلاة من صلى بها، وقد تقدم ذكر ذلك بالتفصيل


(١). الإحكام في أصول الأحكام (١/ ١٦٢).
(٢). الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ١٦٠)، وانظر المستصفى (ص: ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>