للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلقة، والمطلق جارٍ على إطلاقه في الأصول، لا يقيد إلا بنص، ولم يَأْتِ نص ينهى عن القراءة من المصحف، بل جاء عن عائشة ما يدل على الإباحة كما سيأتي في أدلة القائلين بالجواز.

الدليل الثاني:

لأبي حنيفة في فساد الصلاة من القراءة من المصحف طريقتان في الاحتجاج:

الطريقة الأولى:

أن حمل المصحف، ووضعه عند الركوع، ورفعه عند القيام، وتقليب أوراقه، والنظر إليه، وفهمه والتفكر فيه، أعمال كثيرة ليست من أعمال الصلاة، ولا حاجة لتحملها في الصلاة، والعمل الكثير مفسد للصلاة.

وقياس هذه الطريقة: أن المصحف لو كان موضوعًا بين يديه، ويقرأ منه من غير حمل، وتقليب أوراق، أو يقرأ ما هو مكتوب على المحراب من القرآن، فإن الصلاة لا تفسد؛ لعدم المفسد، وهو العمل الكثير (١).

وسوف يأتي الجواب عنه في أدلة القائلين بالجواز دفعًا للتكرار.

الطريقة الثانية:

أنه يُلَقَّنُ من غيره، فوجب أن تبطل صلاته كما لو تلقن من معلم، وصححه السرخسي في المبسوط (٢).

وعليه فلو كان حافظًا للقرآن، وقرأ من المصحف بلا حمل صحت صلاته؛ لانتفاء العمل والتلقين، ومجرد النظر بلا حمل غير مفسد، وجزم به الرازي وتبعه السرخسي، وجزم به في الفتح والنهاية والتبيين، قال في البحر: وهو وجيه كما لا يخفى (٣).

وقريب من هذا التعليل، ما ذكره بعض الحنابلة: بأنه اعتمد في فرض القراءة


(١). المبسوط (١/ ٢٠١)، مجمع الأنهر (١/ ١٢٠)، بدائع الصنائع (١/ ٢٣٦)، البحر الرائق (٢/ ١١).
(٢). المبسوط (١/ ٢٠١)، البحر الرائق (٢/ ١١).
(٣). حاشية ابن عابدين (١/ ٦٢٤)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٣٣٦)، تبيين الحقائق (١/ ١٥٨) فتح القدير (١/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>