الفريضة على النافلة؛ لأنه من قياس الأعلى على الأدنى، والنفل أوسع من الفرض، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في الفرض.
ولأن النفل خاصة قيام الليل يحتاج فيه المصلي إلى تطويل القراءة، فيحتاج القراءة من المصحف بخلاف الفريضة، ولأن القراءة من المصحف فيها فضيلة قراءة كامل القرآن، فيستفيد المسلم من تدبر كامل الكتاب، والإفادة من مواعظه بخلاف القراءة من الحفظ، فأكثر المسلمين لا يحفظون القرآن.
وسبق الجواب على هذا الدليل بما يكفي في أدلة القائلين بالجواز.
* التفريق بين الحافظ وغيره:
أن الحافظ ليس محتاجًا لحمل المصحف والقراءة منه، فيحرم أو يكره له -بحسب الخلاف- حمل المصحف والنظر إليه، بخلاف غير الحافظ فإنه محتاج للنظر إلى المصحف.
* دليل من قال يكره في الفرض وفي أثناء النفل دون أوله:
أما كراهته في الفرض فسبق ذكر الأدلة والجواب عليه.
وأما التفريق بين جواز النظر في المصحف من ابتداء النفل لا في أثنائه:
فذلك أن الذي ينظر في المصحف في أثناء النفل إذا شك في قراءته فسيحمله ذلك على تقليب صفحات المصحف إلى أن يصل إلى موضع قراءته، فكان ذلك شغلًا في صلاته، والذي يصلي في المصحف من ابتداء النفل سوف يفتحه قبل أن يدخل في الصلاة، ويجعل أمامه الموضع الذي يريد قراءته في صلاته، فينظر من غير أن يشتغل بشيء إلا بتحويل الورقة التي أكمل قراءتها، وذلك يسير (١).
* الراجح:
أن النظر في المصحف لا بأس به مطلقًا في الفرض والنفل، وكون الحاجة إليه في النفل أكثر منه الفرض فذلك لا يعني كراهته في الفرض، فالكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي، وهي تقوم على أمرين:
إما النهي غير الجازم، ولم يحفظ ذلك في النصوص الشرعية.