جاء في التاج والإكليل (٢/ ٢٢١) نقلًا عن نص شارح التهذيب: «أنه يعبر عن الطمأنينة بالاعتدال، وعن الاعتدال بالطمأنينة، ونقل أنهما لمسمًّى واحد». والصحيح التفريق بينهما، وأن الاعتدال غير الطمأنينة، فيقصدون بالاعتدال: أن يعتدل قائمًا في رفعه من الركوع، وأن يعتدل جالسًا في رفعه من السجود، فهو خاص في هذين الموضعين. جاء في الفواكه الدواني (١/ ١٨١): «والفرق بين الطمأنينة والاعتدال: أن الاعتدال نصب القامة والطمأنينة: استقرار الأعضاء زمنًا ما». وقد بَيَّن الدسوقي في حاشيته (١/ ٢٤٢) أن بين الاعتدال وبين الطمأنينة عمومًا وخصوصًا من وجه باعتبار التحقق، وإن تخالفا في المفهوم. فيوجد الاعتدال والطمأنينة معًا: إذا نصب قامته في القيام أو في الجلوس، وبقي حتى استقرت أعضاؤه في محالها زمنًا ما. ويوجد الاعتدال فقط: إذا نصب قامته في القيام أو في الجلوس ولم يبق حتى تستقر أعضاؤه.
وتوجد الطمأنينة فقط: فيمن استقرت أعضاؤه في غير القيام والجلوس كالركوع والسجود، فإنه ليس فيه اعتدال. إذا عرفت الفرق بين الاعتدال والطمأنينة، فما حكم كل واحد منهما؟ اختلف المالكية في حكمهما، فالأصح عند اللخمي وابن الجلاب، وخليل أن الاعتدال والطمأنينة فرض (ركن) في الصلاة، وبعضهم يعبر عن الفرض بالواجب، ولا يريد التفريق بينهما، وتاركهما يعيد الصلاة أبدًا في الوقت وغيره. قال ابن الحاجب في جامع الأمهات (ص: ٩٣): الفرائض: التكبير للإحرام والفاتحة ... والاعتدال والطمأنينة على الأصح ... ». وقال خليل في التوضيح (١/ ٣٢٧): «وأفعال الصلاة كلها فرائض إلا ثلاثة: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، والجلسة الوسطى، والتيامن عند السلام. زاد في المقدمات: والاعتدال فإنه مختلف فيه». وقال في أسهل المدارك (١/ ٢٠٥): «والصحيح أن الطمأنينة والاعتدال فرضان من فرائض الصلاة، فلا ينبغي أن يختلف في فرضيتهما على المذهب كما اعتمد عليه المحققون الذين اعتنوا بتحرير كل مسألة من مسائل الإسلام». وقال في التلقين (١/ ٤٣): «والاعتدال في القيام للفصل بينهما مختلف فيه، والأولى أن يجب منه ما كان إلى القيام أقرب، وكذلك في الجلسة بين السجدتين». وانظر: التفريع لابن الجلاب (١/ ٧٢)، التبصرة للخمي (١/ ٢٨٤)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٠٢)، كفاية الطالب الرباني (١/ ٢٦٧)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٢٠٥)، أسهل المدارك (١/ ٢٠٤). =