للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأدلة صحيحة صريحة بأسانيد كالشمس، منها حديث ابن عمر في الصحيحين، وحديث أبي هريرة فيهما، وحديث حذيفة، وابن أبي أوفى وعلي بن أبي طالب، وأبي سعيد الخدري وكلها في مسلم، فلا يترك منطوق هذه الأحاديث الصريحة، ودلالتها نصية لمفهوم المخالفة في بعض الأحاديث. فالاحتجاج بالمفهوم مختلف فيه من حيث الأصل، والمنطوق أقوى من المفهوم بالاتفاق فتقديم المفهوم إهدار لمنطوق هذه الأحاديث بلا مسوغ.

يقول ابن رشد الحفيد: «والحق في ذلك أن حديث أنس يقتضي بدليل الخطاب أن الإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، وأن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده.

وحديث ابن عمر يقتضي نصًّا أن الإمام يقول ربنا ولك الحمد، فلا يجب أن يترك النص بدليل الخطاب فإن النص أقوى من دليل الخطاب» (١).

الوجه الثاني:

حديث: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) ليس لبيان القسمة بين قول الإمام وقول المأموم، وإنما سيق لبيان وقت تحميد المأموم وأن قول المأموم (ربنا لك الحمد) يكون عقب قول الإمام: (سمع الله لمن حمده) وسكت الحديث عن تحميد الإمام، والسكوت عن تحميد الإمام لا ينفيه، كما أن حديث: (إذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين)، لم يمنع من تأمين الإمام بأدلة أخرى (إذا أمن الإمام فأمنوا)، فكذلك تحميد الإمام.

يقول القاضي عياض عن التعلق بهذا الاستدلال: «وفى هذا التعلق نظر؛ لأن القصد بالحديث تعليم المأموم ما يقول، ومجمل قوله له، ولا يعتمد على إسقاط ذكر ما يقول الإمام بذلك، لأنه ليس هو الغرض بالحديث، وعلى هذه الطريقة جرى الأمر في اختلاف قول مالك في الإمام، هل يقول: (آمين) في صلاة الجهر؟ فقال في أحد قوليه: لا يقولها ... (٢).

الدليل الثاني:

يقول الكاساني: «أن الذكر يقارن الانتقال، فإذا قال الإمام مقارنًا للانتقال:


(١). بداية المجتهد (١/ ١٦١).
(٢). إكمال المعلم (٢/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>