للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع الله لمن حمده يقول المقتدي مقارنًا له: ربنا لك الحمد، فلو قال الإمام بعد ذلك لوقع قوله بعد قول المقتدي، فينقلب المتبوع تابعًا والتابع متبوعًا، ومراعاة التبعية في جميع أجزاء الصلاة واجبة بقدر الإمكان» (١).

ولو كان الإمام يجمع الأمرين لقال عليه السلام: إذا قال الإمام: ربنا ولك الحمد، فقولوا: ربنا ولك الحمد، حتى يكون ابتداء قولهم بعد انتهاء قوله، كما قال: وإذا كبر فكبروا، ولم يكن للفرق بينهما معنى.

• وأجيب:

أن القول بأن الإمام إذا شرع له التحميد وقع تحميده بعد المأموم، وهذا مخالف لسنة الإمامة، فيقال: هذا نظر في مقابل النص، والنص مقدم، مع أنه لا يلزم تقدم المأموم على الإمام، لأن ذكر الرفع من الركوع في حق الإمام (سمع الله لمن حمده)، وذكر الرفع في حق المأموم: (ربنا ولك الحمد)، والمأموم يشرع بالرفع بعد فراغ الإمام منه، فيتفق الإمام والمأموم في وقت التحميد، إلا أن الإمام يذكر التحميد من أذكار الاعتدال، والمأموم من أذكار الرفع، واتفاقهما معًا في وقت التحميد لا يخالف سنة الصلاة كما يتفقان في التأمين.

ولو فرض اختلافهما فلا إشكال أيضًا؛ لأن السنة في التحميد الإسرار، فلا يجهر به أحد منهما، فلا يظهر أثر للمخالفة، وإنما يكره تقدم المأموم على الإمام فيما يجهر به كل منهما، ولذلك في الصلاة السرية قد يفرغ المأموم قبل الإمام من قراءة الفاتحة، ويؤمن قبله، ولا أثر لهذا السبق.

الدليل الثالث:

استدلوا بحديث أبي هريرة في الصحيحين: (إنما جعل الإمام ليؤتم به ... ) (٢). قالوا: والائتمام به يقتضي أن يفعل مثل فعله سواء.

وهذا من غريب الاستدلال، فإنه فرع على هذا بقوله: (فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، فخالفوا الحديث.


(١). بدائع الصنائع (١/ ٢٠٩).
(٢). صحيح البخاري (٧٣٤)، وصحيح مسلم (٨٦ - ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>