للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الرابع:

قالوا: بأن قول الإمام سمع الله لمن حمده دعاء، وقول المأموم ربنا ولك الحمد تأمين وقد بَيَّنَّا أن من سبيل الدعاء أن يَدْعُوَ واحد، ويؤمن غيره (١).

• ويجاب بجوابين:

الجواب الأول:

أن هذا من قياس الشبه وهو من أضعف أنواع القياس، لا يحتج به جمهور الأصوليين، فكيف يكون حجة إذا كان مصادمًا للنص، والقول بأن التسميع دعاء قد قيل به، وقد قيل إن المعنى حث المأموم على التحميد.

وعلى التسليم بأنه دعاء، فليس تحميد المأموم من قبيل التأمين، وإنما هو من قبيل الامتثال، لأن التأمين دعاء بصيغة خاصة، وهو قول: (آمين)، فكل تأمين دعاء، وليس كل دعاء تأمينًا.

ومن الدعاء ما لا يشرع له تأمين عقبه، كالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا سمع الرجل أحدًا يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي جملة دعائية استحب للسامع أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس بالتأمين، فكذلك هنا، فكان التحميد امتثالًا لقول الإمام: سمع الله لمن حمده.

وعلى التنزل بأنه بمنزلة التأمين فإنه لا يمنع الداعي من التأمين خاصة إذا جاء النص بذلك كما يشرع للإمام التأمين على دعاء الفاتحة قال - صلى الله عليه وسلم -: إذا أمن الإمام فأمنوا.

الجواب الثاني:

أن بعض العلماء يرى أن قوله (سمع الله لمن حمده) إخبار عن إجابة الدعاء، وقول: (ربنا لك الحمد) شكر لله عز وجل على قبول الدعاء فلا يشرع للمأموم أن يجمع بينهما.

هذا ما يتعلق بمشروعية التحميد

وأما اختلاف القائلين بالمشروعية بين القول بالسنية وهو قول الجمهور وبين القول بالوجوب، وهو مذهب الحنابلة، أو الركنية، وهو قول ابن حزم، فقد ذكرت


(١). المعونة على مذهب (ص: ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>