للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الصفة التي أرادها الله سبحانه بقوله: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، أن يكون على هذه الصفة، وعلى هذا يكون خبر الواحد، والمواظبة بيانًا لما أجمل في الآية، وخبر الواحد يجوز أن يأتي مبينًا لما أجمل في الدليل القطعي، وعليه يكون الاعتدال من الركوع والسجود من جملة فرائض الصلاة حتى على أصول الحنفية.

الدليل الثاني للحنفية:

الاعتدال ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو وسيلة للفصل بين الأركان، فلا يكون ركنًا.

• ورد هذا من وجهين:

الوجه الأول:

بأن هذا نظر في مقابل النص فيكون نظرًا فاسدًا، ولا تعارض النصوص الشرعية بالنظر، فالعقل مجاله في فهم النص والقياس عليه، فإذا ورد النص الشرعي وكانت دلالته نصية فلا يمكن معارضته بالدليل النظري.

الوجه الثاني:

كون الاعتدال مقصودًا في نفسه أو غير مقصود لا ينافي الركنية، فالركنية تستفاد من انتفاء الصلاة بانتفاء الفعل، وهذا متحقق في ترك الاعتدال، حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ)، وحين طلب منه التعليم فيما أساء فيه، قال له: (ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا)، هذا في الاعتدال من الركوع، وقال في الاعتدال من السجود: (ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا).

فإذا أمر الشارع بشيء، وحكم على الصلاة بالعدم عند الإخلال به كان ذلك الشيء ركنًا بصرف النظر، أكان الاعتدال مقصودًا في نفسه أم غير مقصود.

الوجه الثالث:

لو كان الاعتدال غير مقصود، لاكتفى الشارع من الرفع بمقدار يسير، لا ينتهي حتى يعتدل قائمًا ويطمئن جالسًا، فلما أمر بالرفع من الركوع حتى يعتدل قائمًا، وبالرفع من السجود حتى يطمئن جالسًا، دل ذلك على أن الاعتدال مقصود في نفسه، فالقيام كله مقصود، سواء أكان قبل الركوع أم بعده، وكذا الجلوس كله مقصود، سواء أكان بين السجدتين، أم كان للتشهد، فمن فَرَّقَ بين قيام وقيام

<<  <  ج: ص:  >  >>