للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوهم؛ لاعتيادهم عليه، وإنما ينسب إلى الوهم إذا فعل فعلًا على خلاف العادة.

قال الطحاوي: قوله: «(حتى نقول قد أوهم) يوهم أن العادة جرت على خلافه؛ لأنه يحتمل أنه كان يفعله مرة ويتركه مرة».

ولأن أدلة القول الأول هي أدلة فعلية، وهي نص بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ربما اقتصر على قول ربنا ولك الحمد في اعتداله من الركوع.

وإذا كان قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلوات متفاوتًا، فكذلك قيامه من الركوع والسجود، فقد نقل في السنة أنه يصلي الظهر حتى يذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ويعود إلى أهله فيتوضأ، ويدرك الركعة الأولى، ونقل أيضًا أنه قرأ في الظهر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل مثل ذلك في سائر صلاته، فالمغرب ربما قرأ فيها من الطوال، وربما قرأ فيها من قصار المفصل، وإذا كان هذا شأنه في القيام، فقل مثل ذلك في الاعتدال من الركوع والسجود.

قال النووي: «كله يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات، وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات» (١).

وهو محمول على صلاة الفريضة جماعة؛ لأنه قارن بين فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعل خليفتيه، وقد حمله بعضهم على النافلة، وهو خلاف إطلاق الحديث.

الدليل الثاني:

(ح-١٧٨٨) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد ابن الأحنف، عن صلة بن زفر،

عن حذيفة، قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتَعَوُّذٍ تعوَّذ، ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده،


(١). شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>