للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما فرضت الصلوات الخمس ليلة المعراج صلى جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحة ذلك اليوم، وبين لهم كيفية الصلاة ومواقيتها فإذا قيل لهم {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النور: ٥٦]، بعد ذلك كان لفظ الصلاة منصرفًا إلى الصلاة التي يعرفونها، فلم يؤمروا بها إلا ومسماها معلوم عندهم، فلا إجمال.

الجواب الثاني:

سلمنا أن قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، من اللفظ المجمل، فإن هذا المجمل لا يمنع من قيام دليل مستقل يبين أن بعض أفعال الصلاة ليست واجبة، كدعاء الاستفتاح، وجلسة الاستراحة، ونحوهما، فحديث ابن عباس نص في محل النزاع وقد بين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالسجود على سبعة أعظم، الجبهة، والكفين، والركبتين والقدمين، هذا منطوقه، ومفهومه: أن السجود على الأنف ليس واجبًا، أما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصنه عن التلوث بالطين، فهذا يدل على أن تحصيل سنة السجود على الأنف أكبر من صيانته من الطين، لكن دلالته على الوجوب ضعيفة، والله أعلم.

الدليل الثالث:

(ح-١٨١٤) ما رواه الدارقطني من طريق سليمان بن عبد الرحمن، أخبرنا ناشب بن عمرو الشيباني، حدثنا مقاتل بن حيان، عن عروة،

عن عائشة، قالت: أبصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من أهله تصلي ولا تضع أنفها بالأرض، فقال: ما هذه؟ ضعي أنفك بالأرض؛ فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه بالأرض مع جبهته في السجود.

قال الدارقطني: «ناشب ضعيف، ولا يصح مقاتل، عن عروة» (١).

[ضعيف جدًّا، تفرد به ناشب، وهو منكر الحديث] (٢).


(١). سنن الدارقطني (١٣١٧).
(٢). ناشب بن عمرو الشيباني لا يعرف بالرواية إلا عن مقاتل، ولم يرو عنه إلا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي التميمي.
وسليمان هذا قال فيه أبو حاتم: صدوق مستقيم الحديث لكنه أروى الناس عن الضعفاء والمجهولين، وكان في حَدٍّ لو أن رجلًا وضع له حديثًا لم يفهم.
قال ابن الجوزي في التحقيق (١/ ٣٩٢): «إن قالوا: قد قال الدارقطني ناشب ضعيف، قلنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>