للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن العربي عن تشهد عمر: «وهو أولى؛ لأن عمر كان يعلمه الناس على المنبر، فصار كهيئة الإجماع» (١).

قال أبو الوليد الباجي في شرح الموطأ: «والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك: أن تشهد عمر بن الخطاب يجري مجرى الخبر المتواتر؛ لأن عمر بن الخطاب علمه للناس على المنبر بحضرة جماعة الصحابة وأئمة المسلمين، ولم ينكره عليه أحد، ولا خالفه فيه، ولا قال له: إن غيره من التشهد يجري مجراه، فثبت بذلك إقرارهم عليه، وموافقتهم إياه على تعيينه، ولو كان غيره من ألفاظ التشهد يجري مجراه لقال له الصحابة أوأكثرهم: إنك قد ضيقت على الناس واسعًا، وقصرتهم على ما هم مخيرون بينه وبين غيره، وقد أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - في القرآن القراءة بما تيسر علينا من الحروف السبعة المنزلة، فكيف بالتشهد، وليست له درجة القرآن أن يقصر الناس فيه على لفظ واحد، ويمنع ما تيسر مما سواه، ولما لم يعترض عليه أحد بذلك، ولا بغيره، علم أنه التشهد المشروع، هذا الذي ذهب إليه شيوخنا العراقيون في التشهد.

وقال الداودي إن ذلك من مالك رحمه الله على وجه الاستحسان وكيفما تشهد المصلي عنده جائز، وليس في تعليم عمر الناس هذا التشهد منع من غيره» (٢).

وقد فضل الحنابلة في دعاء الاستفتاح ما جهر به عمر موقوفًا عليه، وقدموه على ما ثبت في الصحيحين مرفوعًا، فهذا نظيره.


= الآثار (١/ ٢٦١)، ومستدرك الحاكم مقرونًا بيونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث (٩٧٩)، والسنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٢٠٥).
وابن جريج، عن الزهري، كما في مصنف عبد الرزاق (٣٠٦٨)، وسقط من الإسناد الزهري.
ومعمر كما في مصنف عبد الرزاق (٣٠٦٧)، ومصنف ابن أبي شيبة (٢٩٩٢)،
وعمرو بن الحارث مقرونًا بمالك كما في مشكل الآثار (٣٨٠٤)، وشرح معاني الآثار (١/ ٢٦١)، ومستدرك الحاكم (٩٧٩).
ويونس بن يزيد كما في مستدرك الحاكم (٩٧٩).
وابن إسحاق كما في السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٢٠٥)، كلهم عن ابن شهاب الزهري به.

(١). عارضة الأحوذي (٢/ ٨٤).
(٢). المنتقى للباجي (١/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>