للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ويناقش كلام الباجي وابن العربي من وجهين:

الوجه الأول:

لم يثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قصر الناس على هذا التشهد، ومنعهم من غيره حتى يقال: لولا أنه متعين لما قبل ذلك الناس منه، ولما ضيق على الناس واسعًا، وقبول الناس ذلك من عمر؛ لأنه لم يفعل منكرًا، فالأمر واسع، فالسنن الواردة على وجوه متعددة يجوز للمصلي أن يلتزم صفة منها، ويجوز أن يفعل هذا مرة، وهذا مرة حتى يأتي على جميع ما ثبت وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الأفضل.

الوجه الثاني:

لا يصح القول بأن فعله على المنبر يجري مجرى التواتر؛ لأن الذين حضروا عمر رضي الله عنهم بعض الصحابة وليس كلهم، وسكوتهم لا يعد إجماعًا على تعين هذا التشهد، وإلغاء غيره مما ثبت وصح.

القول الثالث:

اختار الشافعية تشهد ابن عباس رضي الله عنه (١).

(ح-١٩٦١) لما رواه مسلم من طريق الليث، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وعن طاوس،

عن ابن عباس، أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله (٢).

قال الشافعي في الرسالة: صرت إلى اختيار حديث ابن عباس عن النبي في التشهد دون غيره ... لما رأيته واسعًا، وسمعته عن ابن عباس صحيحًا، كان عندي أجمع، وأكثر لفظًا من غيره، فأخذت به، غير معنف لمن أخذ بغيره مما ثبت عن


(١). مختصر المزني مطبوع مع الأم (١/ ١٠٨)، المجموع (٣/ ٤٥٧)، تحفة المحتاج (٢/ ٨١)، نهاية المحتاج (١/ ٥٢٥)، مغني المحتاج (١/ ٣٨٠).
(٢). صحيح مسلم (٦٠ - ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>