للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها عشرًا (١).

فلو كانت الصلاة قرينة التسليم لذكرت في الحديث.

ولو سلم القول بالكراهة فإنه يصدق على من لا يسلم أصلًا، وليس على من صلى في محلٍّ، وسَلَّم في محلٍّ آخر، فإنه يصدق عليه أنه صلى وسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الوجه الثاني:

الاستدلال بدلالة الاقتران على مشروعيتهما مقترنين دلالة ضعيفة، فالواو من حيث دلالتها اللغوية لا تفيد اقترانًا، ولا ترتيبًا ولذلك ذكرت الصلاة قبل السلام، وهو خلاف المشروع في الصلاة.

والأمر بالصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الآية مطلق، فمن صلى وسَلَّم، ولو مرة واحدة فقد امتثل الأمر، سواء أكانا مقترنين أم كانا متفرقين، وسواء أكان ذلك داخل الصلاة أم كان ذلك خارجها، وطلب الفعل يحصل به الامتثال مرة واحدة، والتكرار يحتاج إلى دليل، ومن ادعى أن الآية يستفاد منها محل الصلاة والتسليم فقد تكلف.

كما لا يلزم من اقترانهما في الآية تساويهما في الحكم،

قال تعالى: {كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، والأكل مباح، وإتيان الحقوق واجب.

الوجه الثالث:

أن التسليم جزء من التشهد، لا ينفك عنه، وهو مشروع في القعدة الأولى بالإجماع، وإذا أطلق التشهد لم تدخل فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا التعوذ بالله من الأمور الأربعة، ولذلك كان تعليم التسليم سابقًا لتعليم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما دل على ذلك حديث كعب بن عجرة الآتي إن شاء الله تعالى، وإنما ارتبطت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد حيث يشرع الدعاء لكون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الدعاء من أسباب الاستجابة، والدعاء لا يشرع إلا في التشهد الأخير أي في دبر الصلاة فكذلك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن التشهد الأول لا دعاء فيه على الصحيح؛ لأنه مبني على التخفيف بخلاف التشهد الأخير حيث فتح للمصلي أن يتخير من الدعاء أعجبه إليه


(١). رواه مسلم (١١ - ٣٨٤) من طريق كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>