للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عموم الصيام في السفر.

وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: ١٧٣]، فقوله: (الناس) لا يراد به العموم، بل ولا جماعة من الناس، فالقائل رجل واحد هو نعيم بن مسعود الأشجعي كما ذكر ذلك بعض المفسرين، قال ابن حجر: إطلاق الناس على الواحد لكونه من جنسهم (١).

وهناك آيات في القرآن جاءت مطلقة، وأريد بها الصلاة، كقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّر} فالمراد تكبير الصلاة.

وقال تعالى: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين} [البقرة: ٢٣٨]، والمراد به قيام الصلاة.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، ولا يراد به مطلق الركوع والسجود، بل أراد بذلك داخل الصلاة.

وقال تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، ويراد به القراءة في الصلاة، فكذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦].

• وأجيب:

الوجه الأول:

قال القرافي جوابًا على قول الشافعي: «(فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة) منقوض بالدعاء، فإن الله تعالى أمرنا بالدعاء في قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ} فلم يكن الدعاء في موضع أولى منه في الصلاة، فليكن الدعاء أيضًا فرضًا في الصلاة تبطل الصلاة بهما، ولم يقل به أحد».

الوجه الثاني:

الآيات التي سيقت مطلقة وأريد بها داخل الصلاة، لم تقيد إلا بقرينة ظاهرة، فالقيام والركوع لا يتعبد الله به إلا في الصلاة.

والسجود لا يتعبد الله به إلا إذا وجد مقتضاه من تلاوة، أو شكر، أو صلاة، فلما قرن بالركوع تعينت الصلاة، وليس المقصود صورة الركوع والسجود بل هو من إطلاق


(١). فتح الباري (٨/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>