للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: ركن في حق المنفرد والإمام، سنة في حق المأموم، وهو أحد القولين عن مالك نص عليه في المدونة (١).

• والفرق بين الشرط والركن:

إذا قيل: التحريمة شرط لم تكن جزءًا من الصلاة، لأن الشرط يتقدم عليها كالطهارة، وستر العورة.

وإذا قيل: هي ركن كانت جزءًا من الصلاة؛ فإذا وجد صار شارعًا فيها، بخلاف الشرط.

• وثمرة الخلاف:

تظهر ثمرة الخلاف بين القول بالركنية والشرطية في بعض أحكام الصلاة، من ذلك:

لو شرع بالتكبير قبل ظهور زوال الشمس، ثم زالت الشمس قبل فراغه من


=
أجزأته تكبيرة الركوع».
فكان الكلام في الناسي، وقد يدخل على مذهبهم: أن الواجب إذا كان من باب المأمورات، فسقط بالنسيان كان ذلك دليلًا على ضعف مأخذ الوجوب، لولا أن هذا الفعل كان فيه ما يقوم مقامه، وهو تكبيرة الركوع، وهذا إنما يجزئ إذا اجتمعا في محل واحد، كما لو أدرك الإمام راكعًا، والنقاش ليس في ترجيح القول، وإنما في فهم قولهم، وترجيحه أو رده هذا باب آخر.
القول الثالث: يرى صحة نسبة القول بأن تكبيرة الإحرام سنة إلى جميع هؤلاء.
قال القرطبي في تفسيره (١/ ١٧٥): «قال ابن شهاب الزهري وسعيد بن المسيب والأوزاعي وعبد الرحمن وطائفة: تكبيرة الإحرام ليست بواجبة».
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ٢٦٤): «روي عن الزهري وابن المسيب، والحسن، والحكم، والأوزاعي، وقتادة في أن التكبير للإحرام سنة، وأنه يجزئ الدخول في الصلاة بالنية».
ونقل النووي كلام القاضي عياض في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٩٦)، وقال: «ولا أظن هذا يصح عن هؤلاء الأعلام مع هذه الأحاديث الصحيحة ... ».
والذي يظهر لي أنه لا تصح نسبة القول لغير ابن علية وشيخه ابن الأصم، والله أعلم، ولا يلزم من تداخل تكبيرة الإحرام بتكبيرة الركوع أن تكون تكبيرة الإحرام سنة؛ لأن طواف الوداع واجب في الحج على الصحيح، ويدخل مع طواف الإفاضة إذا أخره، وتدخل الطهارة من الحدث الأصغر بالطهارة من الحدث الأكبر، وإن كان الأصغر يشترط فيه الترتيب بخلاف الأكبر، وإن كان الراجح سقوط الأدنى بالأعلى، فيسقط التكبير للركوع اكتفاء بتكبيرة الإحرام، وليس العكس، والله أعلم.

(١). المدونة (١/ ١٦١، ١٦٢)، شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٥٢)، فتح الباري لابن حجر (٢/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>