للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أصول الإمام مالك عليه رحمة الله، فهذا الرجل قد عقد ركعة من صلاة مختلف فيها، فيكره أن يبطل صلاته فذهب إلى أنه يتمادى ويعيدها مراعاة للقول الآخر (١).

قال ابن عبد البر في الاستذكار: «إنه راعى فيه قول من قال: إن الإحرام ليس بواجب، وإنه لو تمادى في صلاته أجزأته، إلا أن مالكًا يرى عليه الإعادة بعد ذلك للأخذ بالأوثق والاحتياط لأداء فرضه .... » (٢).

وأما أصحابه فاختلفوا في الاستدلال له، واضطربوا.

فاختار ابن بطال بأنه قال ذلك قياسًا على تكبيرات الانتقال، قال ابن بطال في شرح البخاري: وحجة الذين رأوا أن تكبيرة الإحرام سنة: إجماعهم أن من ترك التكبير كله ما عدا الإحرام أن صلاته تامة، قالوا: وكذلك تكبيرة الإحرام مثل تكبير سائر الصلوات في القياس؛ لأن التكبير معناه كله واحد في أنه إذن بحركات الإمام وشعار الصلاة.

• ويناقش:

بأنه لو صح القياس لجرى ذلك في حق الإمام والمنفرد، فإن سائر التكبيرات في حقهما سنة عند الجمهور، فلماذا التفريق بين المأموم وغيره؟

ولعله لو خرِّج قول مالك استنادًا إلى أن الإمام كما يحمل عن المأموم القراءة، والسهو، يحمل عنه تكبيرة الإحرام إذا نسيها، لكان هذا القول أقرب إلى القياس إلا أنه يشكل عليه ما قاله ابن عبد البر، من أن أصحاب مالك لم يختلفوا أن الإمام لا يحمل فرضًا من فروض الصلاة عمن خلفه (٣)، والله أعلم.

وقد وجدت كلاماً لابن رجب يؤيد ما ذكرته،

قال في شرحه للبخاري: والتفريق بينهما -أي بين الإمام والمنفرد وبين


(١). قال الباجي في المنتقى (١/ ١٤٥): «وجه الرواية الثانية ما احتج به مالك من أنها صلاة مختلف فيها؛ لأن ابن شهاب يرى أنها مجزئة عنه، وربيعة يقول: لا تجزيء عنه، فقد عقد ركعة من صلاة مختلف فيها، فيكره أن يبطل صلاته .... ».
(٢). الاستذكار (١/ ٤٢٣، ٤٢٤).
(٣). انظر: الاستذكار (١/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>