للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرق، وهو أيضًا مأخذ مالك وأصحابه (١).

ومذهب الشافعية والحنابلة أقوى؛ لأن المصلي لا يدخل في صلاته بلا تحريمة، وحين نوى الركوع فقد دخل بالصلاة بلا تكبيرة الافتتاح فلم تنعقد، والله أعلم.

• الصورة الثالثة: أن يكبر قائمًا، وينوي بها تكبيرة الافتتاح والركوع.

اختلف العلماء فيها:

فقيل: تصح صلاته، حكي عن أبي حنيفة، وهو مذهب المالكية، واختاره أبو ثور، وحكي رواية عن أحمد اختارها ابن شاقلا (٢).

• وجه القول بالصحة:

الوجه الأول:

أن نية الركوع لا تنافي نية الافتتاح، فلم يؤثر التشريك بينهما بالنية،

الوجه الثاني:

إذا كانت تكبيرة الافتتاح تغني عن الافتتاح وعن تكبيرة الركوع إذا لم يَنْوِهِ، فكذلك إذا نواهما معًا، قياسًا على الرجل إذا أخر طواف الزيارة ونوى به الزيارة والوداع.

وقيل: لا تنعقد صلاته، وهو مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة، وبه قال إسحاق (٣).


(١). انظر فتح الباري لابن رجب بتصرف وتقديم وتأخير (٦/ ٣١٤، ٣١٧).
(٢). سبق لنا أن قول الحنفية في الرجل المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا فكبر قائمًا ونوى بهذه التكبيرة الركوع ولم ينو تكبيرة الافتتاح، لغت نيته وصحت صلاته، فمن باب أولى أن تكون صلاته صحيحة إذا نوى تكبيرة الافتتاح مع تكبيرة الركوع، انظر حاشية ابن عابدين (١/ ٤٨١)، النهر الفائق شرح كنز الدقائق (١/ ٣١٣)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (١/ ١٨٤)، وفتح الباري لابن رجب (٦/ ٣١٨).

وانظر في مذهب المالكية: مواهب الجليل (٢/ ١٣٣)، شرح الخرشي (٢/ ٤٨)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٤٨).
(٣). الأم (١/ ١٢٢)، البيان للعمراني (٢/ ١٧١)، المجموع (٤/ ٢١٤)، تحفة المحتاج (٢/ ٣٦٥)، حاشيتا قليوبي وعميرة (١/ ٢٩٢)، التعليقة للقاضي حسين (٢/ ١٦٩).
وقال في الروض المربع (ص: ١٢٦): «فإن نواهما بتكبيرة، أو نوى به الركوع لم يجزئه».
وانظر: شرح منتهى الإرادات (١/ ٢١٨)، الإنصاف (٢/ ٢٢٤)،
مطالب أولي النهى (١/ ٦٢١)، فتح الباري لابن رجب (٦/ ٣١٨).
قال ابن رجب في القواعد (ص: ٢٤): «لو أدرك الإمام راكعًا فكبر تكبيرة ينوي بها تكبيرة الإحرام والركوع فهل يجزئه؟
على وجهين حكاهما أبو الخطاب وغيره، واختار القاضي عدم الإجزاء؛ للتشريك بين الركن وغيره، وأخذه من نص أحمد رحمه الله فيمن رفع رأسه من الركوع وعطس فقال: الحمد لله، ربنا ولك الحمد، ينوي به الواجب وسنة الحمد للعاطس أن لا يجزئه.
واختار ابن شاقلا الإجزاء وشبهه بمن أخرج في الفطرة أكثر من صاع، ولا يصح هذا التشبيه ومن الأصحاب من قال: إن قلنا تكبيرة الركوع سنة أجزأته، وحصلت السنة بالنية تبعًا للواجب، وإن قلنا: واجبة لم يصح التشريك، وفيه ضعف. وهذه المسألة تدل على أن تكبيرة الركوع تجزئ في حال القيام خلاف ما يقوله المتأخرون».

<<  <  ج: ص:  >  >>