وخالف هذا حديث رفاعة، فذكر الفرائض والسنن على نحو لم يتفق الرواة ممن روى الحديث على ذكرها، فجمع مخالفتين: ذكر السنن، والاختلاف على ذكرها. الجواب الثاني: أن حديث رفاعة جاء بلفظ يدل على وجوب هذه الأفعال، قال: إنها لا تتم صلاةُ أحدٍ من الناس حتى يضع الوضوء مواضعه، ويفعل كذا ويفعل كذا. فإن قيل: إن نفي التمام يحمل على نفي الكمال، انتقض هذا بالوضوء، وتكبيرة الإحرام، وقراءة ما تيسر، والركوع والسجود وغيرها، ولا يصح أن يقال: يحمل النفي في بعضه على نفي التمام الدال على انتقاص الصلاة، وبعضه على نفي الكمال مع كون اللفظ واحدًا، فإما أن تكون دلالته على الوجوب في الكل، أو على الاستحباب في الكل هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن هذه زيادات انفرد بها بعض الرواة عن بعض، ولم يتفقوا عليها في حديث رفاعة، والتفرد علة في الجملة، والمخالفة لحديث أبي هريرة علة أخرى، والحكم للأصح في الباب، والقصة واحدة، فلو كان دعاء الاستفتاح محفوظًا، وتكبيرات الانتقال محفوظة، والافتراش، والأذان والإقامة أترى حديث الصحيحين يقصر عن كل ذلك، ولا يأتي ذكرها في جميع طرقه، ويدرك ذلك حديث رفاعة المختلف في إسناده وألفاظه؟ فمخالفة حديث أبي هريرة عندي علة أخرى، فذلك الذي يجعل في النفس شيئًا من قبوله من جهة الصناعة الحديثية، مع ما فيه من مخالفة لما عليه جماهير الفقهاء من حيث دلالتها الفقهية، والله أعلم. قال البيهقي: ليس في هذا الباب حديث أصح من حديث أبي هريرة. وقال ابن التركماني: وقد أخرج أبو داود والنسائي هذا الحديث، وفيه أيضًا أمر بأشياء ليست بفرض بالإجماع يظهر ذلك لمن نظر في روايتهما. وقال أيضًا: وهذا الحديث اضطرب سندًا ومتنًا كما بينه البيهقي في هذا الباب. وصححه الحاكم في المستدرك، وابن حجر في فتح الباري. وكنت خرجت الحديث في كتابي موسوعة الطهارة، وقد وعدتكم في استكمال تخريجه في كتاب الصلاة، وهذا وقت إنجاز وعدي لكم، والحمد لله على توفيقه. انظر لمراجعة بعض طرق هذا الحديث: أطراف المسند (٢/ ٣٤٤)، تحفة الأشراف (٣٦٠٤)، إتحاف المهرة (٤٥٨٢).