كأنه لم يَأْتِ بهما، فالإتيان بهما بمثابة زيادة المد، لا يغير المقصود، فهو كما لو قال: الله أكبر كبيرًا، فالصلاة قد انعقدت بلفظ (الله أكبر) وتكون زيادة (كبيرًا) ذكرًا لا يمنع من الانعقاد بعد أن اشتمل اللفظ على الوارد المنصوص، وإن كانت الزيادة لا تستحب، بخلاف الله الكبير؛ لفوات أفعل التفضيل، أو الرحمن أكبر؛ لانطوائها على تبديل للمنصوص.
• ونوقش هذا القول من وجهين:
الوجه الأول:
أن جميع الأذكار المقيدة توقيفية، مبنية على التعبد المحض، لا يجوز إحداث زيادة فيها، لا قبلها، ولا بعدها، ولا بينها، طويلة كانت الزيادة أم قصيرة، كما لا يجوز تبديلها بأفضل منها، بصرف النظر عن المعنى، وسيأتي التدليل على ذلك من السنة عند مناقشة الحنفية.
الوجه الثاني:
لا نسلم أنه لا فرق بين لفظ (الله أكبر) ولفظ (الله الأكبر) من حيث المعنى.
يقول ابن القيم: «وأما حجة أصحاب الشافعي على ترادف الله أكبر والله الأكبر فجوابها: أنهما ليسا بمترادفين؛ فإن الألف واللام اشتملت على زيادة في اللفظ، ونقص في المعنى.
وبيانه: أن أفعل التفضيل إذا نكر وأطلق تضمن من عموم الفضل وإطلاقه عليه ما لم يتضمنه المعرَّف.
فإذا قيل: الله أكبر: كان معناه من كل شيء.
وأما إذا قيل الله الأكبر، فإنه يتقيد معناه، ويتخصص، ولا يستعمل هذا إلا في مفضل عليه معين، كما إذا قيل: من أفضل أزيد أم عمرو؟ فيقول: زيد الأفضل، هذا هو المعروف في اللغة والاستعمال.
فإن أداة التعريف لا يمكن أن يؤتى بها إلا مع (من)، وأما دون (من) فلا يؤتى بالأداة فإذا حذف المفضل عليه مع الأداة أفاد التعميم، وهذا لا يتأتى مع اللام» (١).
(١). تهذيب سنن أبي داود مطبوع مع عون المعبود (١/ ٦٣).