للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الباجي في المنتقى: «القراءة في النفس: هي بتحريك اللسان بالتكلم، وإن لم يسمع نفسه سرًّا» (١).

الدليل الثالث:

أن الواجب هو النطق بالتكبير والقراءة، وكذا كل قول واجب، والإسماع قدر زائد على النطق؛ لأن النطق محله اللسان، وأما سماع ذلك فهو فعل الأذن، ولا علاقة للأذنين في القراءة.

• دليل من قال: يشترط أن يسمع نفسه:

الدليل الأول:

قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: ٢٠٥].

قال الرازي: «{وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}: المراد منه: أن يقع ذلك الذكر بحيث يكون متوسطًا بين الجهر والمخافتة، كما قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: ١١٠] (٢).

فالمراد أن يكون الصوت فوق الإسرار ودون الجهر، وأقله إسماع النفس.

• ويناقش:

أما قوله: قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: ٢٠٥].

فليست الآية في قراءة الصلاة، لأن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يذكره، في قلبه، وأن يذكره أيضًا في لسانه، وذكر القلب وإن كان مطلوبًا خارج الصلاة وذلك بأن يستحضر معاني أسماء الله وآياته وآلائه ليكمل للعبد خوف الله وخشيته والإنابة إليه إلا أنه في الصلاة لا يكفي، فلو ذكر المصلي ربه في صلاته في قلبه فقط، فقرأ القرآن في نفسه، وقال التكبيرات والأذكار الواجبة في نفسه ولم يحرك بها لسانه لم يسقط الواجب عنه بالإجماع، فتبين أن الآية ليست في الصلاة.


(١). الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني (١/ ٤)، المحيط البرهاني من الفقه النعماني (١/ ٢٩٦)، المنتقى (١/ ١٥٧)، أعلام الموقعين - تحقيق مشهور (٥/ ٣٥١).
(٢). تفسير الرازي (١٥/ ٤٤٤)، وانظر تفسير القرطبي (٧/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>