عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب (١).
فعلق الجواز قاعدًا بشرط العجز عن القيام، وليس بشرط العجز عن القراءة.
ولأن القيام إذا كان ركنًا فإنه لا يجوز تركه مع القدرة عليه.
وقد ذكر ابن رجب في القواعد هذا القسم، وقسمه إلى أربعة أقسام.
يقول ابن رجب في القاعدة الثامنة: من قدر على بعض العبادة وعجز عن باقيها هل يلزمه الإتيان بما قدر عليه منها أم لا؟ هذا أقسام:
القسم الأول: أن يكون المقدور عليه ليس مقصودًا في العبادة، بل هو وسيلة محضة إليها كتحريك اللسان في القراءة في حق العاجز، وإمرار الموسى على الرأس في الحلق للأقرع، والختان، فهذا ليس بواجب ....
والقسم الثاني: ما وجب تبعًا لغيره وهو نوعان.
أحدهما: ما كان وجوبه على وجه الاحتياط للعبادة؛ ليتحقق حصولها، كغسل المرفقين في الوضوء فإذا قطعت اليد من المرفق هل يجب غسل رأس المرفق الآخر أم لا؟ على وجهين: أشهرهما عند الأصحاب الوجوب، وهو ظاهر كلام أحمد ....
والثاني: ما وجب تبعًا لغيره على وجه التكميل واللواحق، مثل رمي الجمار والمبيت بمنى لمن لم يدرك الحج، فالمشهور أنه لا يلزمه ذلك؛ لأن ذلك كله من توابع الوقوف بعرفة، فلا يلزم من لم يقف بها ....
والقسم الثالث: ما هو جزء من العبادة وليس بعبادة في نفسه بانفراده، أو هو غير مأمور به لضرورة:
فالأول: كصوم بعض اليوم لمن قدر عليه وعجز عن إتمامه فلا يلزمه بغير خلاف.
والثاني: كعتق بعض الرقبة في الكفارة، فلا يلزم القادر عليه إذا عجز عن التكميل؛ لأن الشارع قصده تكميل العتق مهما أمكن، ولهذا شرع السراية والسعاية
(١). صحيح البخاري (١١١٧).