للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قامت عليهم من الحجج ثم أصروا على الكفر. {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} نظرة رحمة. {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} أي ولا يثني عليهم جزاء على فعلهم في الدنيا إذ أنهم من حبهم للثناء في الدنيا عرفوا الحق وتركوه إرضاء للناس. وعلى القول بأنه لا يكلمهم أصلًا فإن ذلك محمول على بعض مواقف يوم القيامة.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١).

كما أن من كفر أصلا له من العذاب ما ذكر في ما قبل هذا النص فإن من يكتم ما أنزل الله وهو قادر على إظهاره فإن له هذا العذاب الذي ذكرته الآية، وكذلك من يسأل عن علم يفترض عليه تعليمه فيكتمه يلجم يوم القيامة بلجام من نار، وقوله تعالى {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} فسرها البيضاوي بقوله: {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ}: إما في الحال لأنهم أكلوا ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه، أو في المال أي لا يأكلون يوم القيامة إلا النار في بطونهم ملء بطونهم أهـ.

{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

هناك ناس يرتدون ولا أمل في رجوعهم إلى الإسلام لأنهم ارتدوا بعد قيام الحجة كاملة عليهم، فهؤلاء ينفي الله أن يكونوا محل هدايته مرة أخرى وهؤلاء يستأهلون اللعنة من الله والملائكة والمؤمنين ومن الناس أجمعين في الدنيا وفي الآخرة، وهناك ناس يرتدون ثم يرجعون فيتوبون ويصلحون فهؤلاء يعدهم الله عز وجل مغفرة منه ورحمة.

{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي


(١) البقرة: ١٧٤.
(٢) آل عمران: ٨٦ - ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>