خرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم. أتسبون أمكم [أي عائشة رضي الله عنها] أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله عز وجل يقول {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيهما شئتم؟ أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. [قال]: وأما قولكم إنه محا نفسه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشًا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابًا فقال: "اكتب [أي لعلي] هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله" فقالوا والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال:"والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد بن عبد الله" فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي. أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم عشرون ألفًا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا.
أقول: يلاحظ من خلال النقاش الدائر بين ابن عباس رضي الله عنهما والخوارج أنه قد رجع القسم الأكبر منهم إلى جادة الصواب، وهذا يفيد أنه بالعلم الصحيح وبالحجة القوية يمكن أن تعالج ظاهرة الخارجية في الأمة الإسلامية، ومن ههنا أكثرنا من الحض على التعرف على كل أصول الثقافة الإسلامية وفروعها، لأنه بذلك وحده يوجد العاصم عن الخطأ الاعتقادي، وتوجد الحصانة ضد الفكر الشاذ، وشرطنا لهذه الثقافة أن تكون على ضوء فهوم الراسخين في العلم من هذه الأمة ممن شهدت لهم الأمة بالعدالة، ولم يعرف عنهم شذوذ اعتقادي أو فتوى تخالف إجماعًا.
٤٥٧ - * روى الطبراني في الصغير والأوسط عن علي قال: لقد علم أولو العلم من آل محمد وعائشة بنت أبي بكر فاسألوها أن أصحاب ذي الثدية ملعونون على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية أن أصحاب النهروان.
٤٥٧ - مجمع الزوائد (٦/ ٢٣٩) وقال رواه الطبراني في الصغير والأوسط بإسنادين ورجال أحدهما ثقات. أهـ وللحديث شواهد.