خَصِمُونَ} (١) فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله. قال: فقام خطباؤهم فقالوا والله لنواضعنه الكتاب فإن جاء بالحق نعرفه لنتبعنه وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل ولنردنه إلى صاحبه. فواضعوا عبد الله بن عباس ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكوا حتى أدخلهم على علي الكوفة فبعث علي إلى بقيتهم قال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم، بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دمًا حرامًا أو تقطعوا سبيلًا أو تظلموا ذمة فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين قال فقالت له عائشة: يا ابن شداد فقد قتلهم، قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدماء واستحلوا الذمة. فقالت: والله؟ قال الله الذي لا إله إلا هو لقد كان. قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون ذا الثدية مرتين. قال: قد رأيته وقمت مع علي معه على القتلى فدعا الناس فقال: أتعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول رأيته في مسجد بني فلان يصلي ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذاك. قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله. قالت: فهل رأيته قال غير ذلك؟ قال: اللهم لا. قالت: أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يري شيئًا يعجبه إلا قال صدق الله ورسوله. فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون في الحديث.
أقول:
الظاهر من الرواية أن عائشة لم تر نسبة قضية ذي الثدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكذب عليًا، والروايات الصحيحة لم تدع مجالا للشك أن عليا سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تناقض بين هذه الرواية والتي قبلها، فقد ذكر الراوي هناك روايتين في الكلمة المنقولة عن علي وأصحاب الثدية أو أصحاب النهروان، والظاهر أن عائشة لم تنكر قتل أهل حروراء بل ورد على لسانها ما يدل على معرفتها بغلوهم كما في سؤالها للمرأة (أحرورية أنت).