(وقالوا: إن الأخبار التي يلزمنا العمل بها ثلاثة أنواع: تواتر، وآحاد ومتوسط بينهما مستفيض.
فالخبر المتواتر الذي يستحيل التواطؤ على وضعه يوجب العلم الضروري بصحة مخبره، وبهذا النوع من الأخبار علمنا البُلدان التي لم ندخلها، وبها عرفنا الملوك والأنبياء والقرون الذين من قبلنا، وبه يعرف الإنسانُ والديه اللذين هو منسوبٌ إليهما).
أقول: وقد أكفر أهل السنة كل من أنكر متواتراً أو أوله على غير الفهم الضروري، ومن ههنا وغيره أكفروا القاديانية التي نفت نزول المسيح عليه السلام مع التواتر الصريح في نزوله وأولوا ما ورد في ذلك على غير الفهم الضروري وهذه إحدى كفرياتهم.
وقال:(وأما أخبار الآحاد فمتى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبةً للعمل بها، دون العلم [القطعي الذي يكفر منكره]، وكانت بمنزلة شهادة العُدول عند الحاكم في أنه يلزم الحكم بها في الظاهر).
(وبهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام، وضللوا من أسقط وجوب العمل بأخبار الآحاد في الجملة، من الرافضة والخوارج وسائر أهل الأهواء).
(وأما الخبر المستفيض المتوسط بين التواتر والآحاد فإنه يُشارك التواتر في إيجابه للعلم والعمل، ويُفارقه من حيث إن العلم الواقع عنه يكون علماً مكتسباً نظرياً، والعلم الواقع عن التواتر يكون ضرورياً غير مكتسب).
(وضللوا من خالف فيها من أهل الأهواء، كتضليل الخوارج في إنكارها الرجم، وتضليل من أنكر من النجدات حد الخمر، وتضليل من أنكر المسح على الخفين، وتكفير من أنكر الرؤية، والحوض، والشفاعة، وعذاب القبر).
وكذلك ضللوا الخوارج الذين قطعوا يد السارق في القليل والكثير من الحِرز وغير الحرز؛ لردهم الأخبار الصحاح في اعتبار النصاب والحرز في القطع.