للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولمسلم (١): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تحاجَّ آدم وموسي، فقال له موسي: أنت آدمُ الذي أغويت الناس، وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت الذي أعطاه الله علم كل شيء، واصطفاه برسالاته؟ قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قُدِّر عليَّ قبل أن أخلق؟ ".

وفي أخرى (٢) له قال: "احتجَّ آدم وموسي عند ربهما، فحجَّ آدم موسي؛ قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد ملائكته وأسكنك في جثته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيانُ كل شيء، وقربك نجيًّا؟ فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أُخلق؟ قال موسي: بأربعين عاماً. قال آدم: فهل وجدت فيها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (٣)؟ قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملتُ عملاً كتبه الله عليَّ أن أعمله قبل أن يخلُقني بأربعين سنة؟ " قال رسول الله: "فحج آدم موسى عليهما السلام".

وفي رواية الترمذي (٤) قال: "احتجَّ آدمُ وموسي، فقال موسي: يا آدم، أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأغويت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه أتلومني على عمل عملته


(١) مسلم: الموضع السابق.
(٢) مسلم: الموضع السابق.
(٣) طه: ١٢١.
(٤) الترمذي (٤/ ٤٤٤) ٣٣ - كتاب القدر، ٢ - باب ما جاء في حجاج آدم وموسى عليهما السلام.
(المحاجة): المجادلة والمخاصمة، حاججت فلاناً فحججته، أي: جادلتُه فغلبته.
(نجياً) النجي: المناجي، وهو المشاور والمحادث، وقوله: "اصطنعك لنفسه" تمثيل لما أعطاه الله من منزلة التقريب والتكريم، مثَّل حاله بحال من يراه بعض الملوك- بجوامع خصال فيه وخصائص- أهلاً لئلا يكون أحدٌ أقرب منزلةً منه إليه، ولا ألطف محلاً، فيوليه من الكرامة ويستخلصه لنفسه، والاصطناع: افتعال من الصنيعة، وهي العطية والكرامة والإحسان.
(الإغواء): الإضلال، غوى الرجل يغوي وأغوى غيره.
(تبيان): التبيان: الإيضاح، وكشفُ الشيء ليظهر ويتبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>