للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنتْ من قبلُ: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض".

أقول:

هذا محمول على من بلغته الدعوة وكان عاقلاً بالغاً واختار الكفر وظهرت له واحدة من هذه الأشراط الثلاثة لأنه في حكم من انكشف له الغيب، فالمعروف أن المحتضر متى انكشف له شيء من أمر الغيب عند خروج روحه لم تعد تنفعه توبة ولا يقبل منه إيمان، وكذلك من رأى شرطاً من هذه الأشراط الثلاثة.

ويمكن أن يحمل الحديث على أن المراد بذلك الإخبار بالنسبة للدابة والدجال بمعنى أنه متى ظهر الدجال أو الدابة فالكافر مستمر على كفره لا بمعنى أنه لا يقبل إسلام من أسلم، قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} (١). فأما بالنسبة للشمس فلا شك أنه بعد ظهورها من المغرب {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}، أما بالنسبة للدجال والدابة فظاهر النص الذي بين أيدينا أن الأمر كذلك ولكن الاحتمال الثاني يبقى قائماً لكثرة النصوص في موضوع الشمس وقلتها بالنسبة للدجال والدابة في موضوع عدم قبول الإيمان.

قال الألوسي رحمه الله بعد أن ذكر أن من علامات الساعة الكبرى: خروج الدابة وظهور الدجال وطلوع الشمس من مغربها أن بعض المفسرين فسر قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} (٢). بهذه الآيات الثلاث، وعلى هذا القول فإن أياً من هذه الآيات الثلاث إذا خرجت لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل. لكنه ذكر أن هذا القول قد استشل ولذلك فنحن في تعليقنا راعينا هذا الإشكال فذكرنا احتمالين للنص الذي رواه الإمام مسلم.


= والترمذي: (٥/ ٢٦٤) ٤٨ - كتاب التفسير، ٧ - باب ومن سورة الأنعام.
وقال: حديث حسن صحيح.
(١) الأنعام: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>