للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا نَقُولُ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الْعَشَرَةِ زَوْجًا عَدَمُ الْفَرْدِيَّةِ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْفَرْدِيَّةَ أَيْضًا فَكَيْفَ تُتَوَهَّمُ الشَّرْطِيَّةُ وَالْمُعْتَرَضُ فِي مَوْطِنِ الْعَقْلِ قَاطِعٌ وَجَازِمٌ بِثُبُوتِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي نَفْسِهِ وُجُوبًا ذَاتِيًّا وَإِنَّمَا يَقْصِدُ الْعُقَلَاءُ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ الَّذِي يَقْبَلُ النَّقِيضَ بَلْ مَقْصُودُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ وَالْمَوَارِدِ بَيَانُ انْحِصَارِ تِلْكَ الْمَادَّةِ فِي الْمَذْكُورِ فَأَنْتَ تَقُولُ: إذَا انْتَفَى الْفَرْدُ بَقِيَ الْعَدَدُ مَحْصُورًا فِي الزَّوْجِ.

وَإِذَا انْتَفَى الزَّوْجُ بِمَعْنَى إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِعُ مِنْ الْعَدَدِ مَا هُوَ زَوْجٌ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ مَا هُوَ فَرْدٌ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْحَصْرُ فَلَا يَقُولُونَ: إنْ لَمْ يَكُنْ إنْسَانًا فَهُوَ فَرَسٌ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْبَاقِي مِنْ الْحَيَوَانِ بَعْدَ الْإِنْسَانِ فِي الْفَرَسِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ لَكَانَ الْكَلَامُ صَحِيحًا فَإِنَّ عَدَمَ الْإِنْسَانِيَّةِ شَرْطٌ فِي الْفَرَسِيَّةِ لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِهِمَا بَلْ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ الْحَصْرِ بَطَلَ الْكَلَامُ لِعَدَمِ الْحَصْرِ فِي الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِعَ فَهُوَ صَعْبٌ دَقِيقٌ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ انْحِصَارَ الْحُجَّةِ التَّامَّةِ مِنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الرَّجُلَيْنِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ تَامَّةَ مِنْ الشَّهَادَةِ فِي الشَّرِيعَةِ إلَّا الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ هَذَا هُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَأَمَّا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَشَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ وَحْدَهُمَا فِيمَا يَنْفَرِدَانِ فِيهِ كَالْوِلَادَةِ فَهَذِهِ الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى بُطْلَانِهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْحَصْرِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْآيَةَ إنَّمَا سِيقَتْ فِي إثْبَاتِ الدُّيُونِ وَالْأَمْوَالِ لَا الْأَبْدَانِ وَجَمِيعُ هَذِهِ الصُّوَرِ فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ فَالْحَصْرُ حَقٌّ فِي الْأَمْوَالِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ وَلَا تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ هَذِهِ الصُّوَرِ وَأَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَالنُّكُولُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُجَّةُ مِنْ الشَّهَادَةِ بَلْ لَا شَهَادَةَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ كَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ أَوْ بَعْضُهُ شَهَادَةٌ فَقَطْ كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَلَا تُوجَدُ حُجَّةٌ تَامَّةً مُجْمَعٌ عَلَيْهَا إلَّا بِتِينِكَ الْحُجَّتَيْنِ فَإِذَا فُرِضَ عَدَمُ أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ الْحَصْرُ فِي الْأُخْرَى وَإِذَا وَضَحَ لَك أَنَّ الشَّرْطَ كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي التَّرْتِيبِ فَكَذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِي إثْبَاتِ الْحَصْرِ.

وَالْكُلُّ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فَيَكُونُ التَّعْلِيقُ أَعَمُّ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالدَّالُّ عَلَى الْأَعَمِّ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى الْأَخَصِّ كَالْحَيَوَانِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُؤْمِنِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ التَّرْتِيبِ عَلَى التَّرْتِيبِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَرَائِنَ أُخْرَى وَضَمَائِمَ تُضَافُ لِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ حَتَّى تُفِيدَ التَّرْتِيبَ وَأَنَّ ضَابِطَ مَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ الْمَشْرُوطُ عَلَى الشَّرْطِ الشَّرْطُ الَّذِي لَا يُرَادُ بِهِ الْحَصْرُ أَمَّا مَتَى أُرِيدَ بِهِ الْحَصْرُ فَلَا فَافْهَمْ هَذَا الْمَوْضِعَ فَهُوَ مِنْ نَفَائِسِ الْعِلْمِ وَجَوْهَرِهِ وَدَقِيقِ الْمَبَاحِثِ وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَأَنَّ اسْتِدْلَالَ الْفُقَهَاءِ بِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ لَا يَصِحُّ كَمَا وَضَحَ لَك بَيَانُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فِي كُلٍّ أَوْ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ كَذَلِكَ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ أَوْ أَيْنَ جَلَسْت أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلٍّ أَوْ جَمِيعِ الْبِقَاعِ لِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ أَيْنَ وَحَيْثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمُ جِنْسٍ لِلْمَكَانِ مُلَازِمٌ لِلْإِضَافَةِ.

وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ الثَّانِي أَنَّ صِيَغَ الْعُمُومِ إنَّمَا تَعُمُّ فِيمَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ خَاصَّةً وَكَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهُ قَوْلُ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَى نَصِّهِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ أَوْ أَيْنَ جَلَسْت يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَصَحَّ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّ اللَّازِمَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاقَضُ عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرًا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا وَإِنْ سَلِمَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعٍ أَوْ كُلِّ الْأَزْمِنَةِ إلَّا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعٍ أَوْ كُلِّ الْأَيَّامِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَإِنَّ كُلَّ إذَا أُضِيفَتْ إلَى الْمُعَرَّفِ لَا تَكُونُ لِلْعُمُومِ وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ وَجَمِيعُ لَا تُضَافُ إلَّا إلَى الْمُعَرَّفِ فَلَا يُقَالُ: جَمِيعُ رَجُلٍ فِي مَعْنَى كُلُّ رَجُلٍ فَجَمِيعُ الْأَيَّامِ وَكُلُّ الْأَيَّامِ لَيْسَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَإِنَّمَا لَفْظُ الْعُمُومِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ أَنْتِ فِيهِ طَالِقٌ فَمِنْ هُنَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: ١٠٨] قَوْلُهُ أَبَدًا ظَرْفُ زَمَانٍ مُبْهَمٌ لَا عُمُومَ لَهُ وَلَكِنَّهُ إذَا اتَّصَلَ بِالنَّهْيِ أَفَادَ الْعُمُومَ فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَقُمْ فِيهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً اهـ.

نَقَلَهُ الرَّهُونِيُّ عَنْهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَوَاشِي عبق نَعَمْ فِي الْعَطَّارِ عَلَى مُحَلَّى جَمْعِ الْجَوَامِعِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ تَنْظِيرَ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَلَى عَدِّ جَمِيعٍ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ بِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي كَيْفَ يُسْتَفَادُ الْعُمُومُ مِنْ لَفْظَةِ جَمِيعٍ فَإِنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا إلَى الْمَعْرِفَةِ تَقُولُ جَمِيعُ الْقَوْمِ وَجَمِيعُ قَوْمِك وَلَا تَقُولُ جَمِيعُ قَوْمٍ وَمَعَ التَّعْرِيفِ بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ يَكُونُ التَّعْمِيمُ مُسْتَفَادًا مِنْهُمَا لَا مِنْ لَفْظَةِ جَمِيعِ اهـ قَالَ مَا نَصُّهُ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْعُمُومَ مِنْ جَمِيعٍ إذَا قُدِّرَتْ اللَّامُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ لِلْجِنْسِ لَا لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ نَحْوَ جَمِيعُ غُلَامِ زَيْدٍ إذْ عُمُومُ أَجْزَائِهِ مِنْ جَمِيعِ لَا مِنْ تَعْرِيفِ غُلَامٍ بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ مَنْقُوضٌ بِنَحْوِ جَمِيعِ زَيْدٍ حَسَنٌ إذْ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَعْرِفَةٌ وَلَا عُمُومَ فِيهِ اهـ فَتَأَمَّلْ.

ثَانِيهَا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>