للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَدَمِهَا فِي الْبَعْضِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّرْجِيحِ وَهُنَاكَ إذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أُعْمِلَ اللَّفْظُ الْعَامُّ فِي بَقِيَّةِ الْأَفْرَادِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِخْرَاجِهِ فَإِذَا قَالَ فِي صُورَةِ الِالْتِزَامِ: نَوَيْت الْبَعْضَ وَذَهِلْت عَنْ الْبَاقِي كَفَاهُ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَنْوِيَّةِ وَإِذَا قَالَ: نَوَيْت الْبَعْضَ وَذَهِلْت عَنْ الْبَاقِي فِي صُورَةِ الْعُمُومِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَفُرُوعُ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ كَثِيرَةٌ فَتَأَمَّلْهَا وَيَكْمُلُ لَك الْكَشْفُ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ بِمُطَالَعَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ وَالْمُؤَكِّدَةِ وَهُوَ بَعْدَ هَذَا وَقَوْلِي الطَّلَاقُ عَامٌّ فِي أَفْرَادِ الطَّلَاقِ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ غَيْرَ أَنَّهُ صَارَ مُطْلَقًا لَا عُمُومَ فِيهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَالنَّاسِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا أَلْزَمَ بِهِ غَيْرَ طَلْقَةٍ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَيَلْزَمُ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يُخَيِّرُوهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ كَمَا خَيَّرُوهُ فِي إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى لِعَدَمِ ذِكْرِ الزَّوْجَاتِ وَأُحَقِّقُ فِقْهَ هَذَا الْفَرْقِ بِأَرْبَعِ مَسَائِلَ:

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] أَثْبَتَ الْوُجُوبَ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ جَمِيعِ الرِّقَابِ فَلَمْ يَعُمَّ ذَلِكَ جَمِيعَ صُوَرِ الرِّقَابِ بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْإِجْمَاعِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَعَدَمِهَا فِي الْبَعْضِ حُصُولُ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّرْجِيحِ وَهُنَاكَ إذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أُعْمِلَ اللَّفْظُ الْعَامُّ فِي بَقِيَّةِ الْأَفْرَادِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِخْرَاجِهِ فَإِذَا قَالَ فِي صُورَةِ الِالْتِزَامِ: نَوَيْت الْبَعْضَ وَذَهِلْتُ عَنْ الْبَاقِي كَفَاهُ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَنْوِيَّةِ وَإِذَا قَالَ: نَوَيْت الْبَعْضَ وَذَهِلْت عَنْ الْبَاقِي فِي صُورَةِ الْعُمُومِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَفُرُوعُ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ كَثِيرَةٌ فَتَأَمَّلْهَا وَيَكْمُلُ لَك الْكَشْفُ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ بِمُطَالَعَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ وَالْمُؤَكِّدَةِ وَهُوَ بَعْدَ هَذَا) قُلْتُ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْعُمُومِ فَهُوَ فِي مَعْنَى كُلُّ طَلَاقٍ أَمْلِكُهُ يَلْزَمُنِي فَيَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ طَلَاقُ جَمِيعِ الزَّوْجَاتِ وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ جَمِيعُ الطَّلْقَاتِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ فِي الْفَرْقِ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ: (وَقَوْلِي الطَّلَاقُ عَامٌّ فِي أَفْرَادِ الطَّلَاقِ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ غَيْرَ أَنَّهُ صَارَ مُطْلَقًا لَا عُمُومَ فِيهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَالنَّاسِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا أَلْزَمَ بِهِ غَيْرَ طَلْقَةٍ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ) قُلْتُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ بِعَامٍّ بِحَسَبِ اللُّغَةِ.

قَالَ: (وَيَلْزَمُ الشَّافِعِيَّةَ أَنْ يُخَيِّرُوهُ فِي الصُّورَةِ كَمَا خَيَّرُوهُ فِي إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ بَلْ هُنَا أَوْلَى لِعَدَمِ ذِكْرِ الزَّوْجَاتِ) قُلْتُ: الْعَكْسُ أَصْوَبُ وَهُوَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ بَيِّنٌ لِتَعْلِيقِهِ الطَّلَاقَ بِوَاحِدَةٍ أَمَّا حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ بِوَاحِدَةٍ فَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ.

قَالَ: (وَحُقِّقَ فِقْهُ هَذَا الْفَرْقِ بِأَرْبَعِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] أَثْبَتَ الْوُجُوبَ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ جَمِيعِ الرِّقَابِ فَلَمْ يَعُمَّ ذَلِكَ جَمِيعَ صُوَرِ الرِّقَابِ بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْإِجْمَاعِ) قُلْتُ: لَمْ يَثْبُتْ الْوُجُوبُ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَلْ أَثْبَتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَعُمُّ بَلْ تَكْفِي صُورَةٌ وَاحِدَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعُ تَابِعٌ لِلنَّصِّ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الدَّائِرِ بَيْنَ الرُّتَبِ الْمُخْتَلِفَةِ فَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى أَعْلَاهَا أَوْ عَلَى أَدْنَاهَا وَيَلْحَقُ بِهِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ نَحْوَ الْبَتَّةِ وَالْبَائِنِ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك هَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ وَهُوَ الثَّلَاثُ أَمْ لَا كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ هُوَ سَبَبُ الْخِلَافِ هُنَا بَلْ سَبَبُهُ هُنَا أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ الْعُرْفُ فِي لَفْظَةِ حَرَامٌ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ هَلْ هُوَ الثَّلَاثُ أَوْ الْوَاحِدَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا فَرْعُ التَّيَمُّمِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: ٤٣] اُخْتُلِفَ هَلْ يُحْمَلُ فِيهِ لَفْظُ صَعِيدًا عَلَى مُطْلَقِ مَا يُسَمَّى صَعِيدًا تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ عَلَى أَعْلَى رُتَبِ الصَّعِيدِ وَهُوَ التُّرَابُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَلَيْسَ مِنْهَا فَرْعُ حِكَايَةِ الْأَذَانِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» حَتَّى يُقَالَ: إنَّ الْمِثْلَ الْمَذْكُورَ فِي الْأَذَانِ إنْ حُمِلَ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ قَالَ: مِثْلُ مَا يَقُولُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ أَوْ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ فَفِي التَّشَهُّدِ خَاصَّةً وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ ضَرُورَةُ أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَقْتَضِي فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الشُّمُولَ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ إلَّا مَا خَصَّهُ الْعُرْفُ كَقَوْلِهِمْ زَيْدٌ مِثْلُ الْأَسَدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَمْ يُفَرِّعْهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَاعِدَةِ الْمُطْلَقِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا رَأَى أَنَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَيْسَ مِنْ الذِّكْرِ وَإِنَّمَا هُوَ تَحْرِيضٌ وَاسْتِدْعَاءٌ وَالْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابُ مَا هُوَ ذِكْرٌ فَقُيِّدَ مُطْلَقُ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى وَأَخَذَ غَيْرُ مَالِكٍ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَبِالْجُمْلَةِ فَاسْتِعْمَالُ الْكُلِّ فِي جُزْئِهِ وَالْكُلِّيِّ فِي جُزْأَيْهِ وَالْعَامِّ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَمَّا كَانَ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً لَمْ يَجُزْ الْحَمْلُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ وَاسْتِعْمَالُ الْمُطْلَقِ أَيْ الْجُزْئِيِّ الْمُبْهَمِ فِي جُزْئِيٍّ مُعَيَّنٍ لَمَّا كَانَ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا جَازَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ نَعَمْ إذَا اُعْتُبِرَ فِي الْجُزْئِيِّ أَوْ الْفَرْدِ مَاهِيَّتُه الْكُلِّيَّةُ لَا الشَّخْصِيَّةُ كَانَ اسْتِعْمَالُ الْكُلِّيِّ فِي الْأَوَّلِ وَالْعَامِّ فِي الثَّانِي حَقِيقَةً عَلَى الْقَوْلِ الْحَقِّ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ عَدَمُ تَوَجُّهِ مَا أَوْرَدَهُ الْقَرَافِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ عَلَى حَصْرِهِمْ الدَّلَالَةَ اللَّفْظِيَّةَ الْوَضْعِيَّةَ فِي الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كَعَبِيدِي عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>