للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُتَّجَهُ فَإِنَّ التَّمْكِينَ بِدُونِ الْعِصْمَةِ مَوْجُودٌ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يُوجِبُ نَفَقَةً وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَى الطِّبَاعِ تَرْكُ النَّفَقَاتِ فَلَمْ يَعْتَبِرْ صَاحِبُ الشَّرْعِ الْإِسْقَاطَ لُطْفًا بِالنِّسَاءِ لَا سِيَّمَا مَعَ ضَعْفِ عُقُولِهِنَّ وَعَلَى التَّعْلِيلَيْنِ يُشْكِلُ بِمَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ وَهِيَ تَعْلَمُ بِفَقْرِهِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهَا طَلَبُ فِرَاقِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّمْكِينِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ مَنْ تَعْلَمُ بِفَقْرِهِ فَقَدْ سَكَّنَتْ نَفْسَهَا سُكُونًا كُلِّيًّا فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا لِفَرْطِ سُكُونِ النَّفْسِ. (الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) إذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ فِي الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ لَهَا الرُّجُوعُ وَالْمُطَالَبَةُ لِأَنَّ الطِّبَاعَ يَشُقُّ عَلَيْهَا الصَّبْرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا فَإِنَّهَا لَا مَقَالَ لَهَا لِتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى ذَلِكَ.

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْحُكْمِيَّةِ) وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ مَا مِنْ مَعْنَى مَأْمُورٍ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ وَلَا مَنْهِيٍّ عَنْهُ إلَّا وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إلَى فِعْلِيٍّ وَحُكْمِيٍّ وَنَعْنِي بِالْفِعْلِيِّ وُجُودَهُ فِي زَمَانِ وُجُودِهِ وَتَحَقُّقَهُ دُونَ زَمَانِ عَدَمِهِ وَنَعْنِي بِالْحُكْمِيِّ حُكْمَ صَاحِبِ الشَّرْعِ عَلَى فَاعِلِهِ بَعْدَ عَدَمِهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَفِي حُكْمِ الْمَوْصُوفِ بِهِ دَائِمًا حَتَّى يُلَابِسَ ضِدَّهُ وَلِذَلِكَ مَثَّلَ أَحَدُهُمَا الْإِيمَانَ إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَكَمَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

عَالِمَةً بِفَقْرِهِ ظَاهِرٌ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا ظَاهِرٌ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْحُكْمِيَّةِ إلَى آخِرِ الْفَرْقِ) قُلْت مَا قَالَهُ فِيهِ صَحِيحٌ. غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ مَنْ نَوَى الصَّلَاةَ فَإِنَّ نِيَّتَهُ تَتَضَمَّنُ إصْلَاحَهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ لَكِنِّي لَا أَذْكُرُهُ الْآنَ مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَمَا قَالَهُ فِي الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ صَحِيحٌ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ كَافِرٌ الْكُفْرَ الْفِعْلِيَّ لِأَنَّ كُلَّ كَافِرٍ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ يَضْطَرُّ لِلْإِيمَانِ فَلَا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالْفِعْلِ وَالْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ يُنَافِي الْكُفْرَ الْفِعْلِيَّ فَهُوَ غَيْرُ كَافِرٍ بِالْفِعْلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ الْإِيمَانُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ إذَا وَقَعَ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ وَالِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَمِنْهَا الْإِخْلَاصُ يَقَعُ مِنْ الْعَبْدِ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَةِ فَيَكُونُ إخْلَاصًا فِعْلِيًّا فَإِذَا غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُخْلِصِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَانَ إخْلَاصًا حُكْمِيًّا حَتَّى يَخْطِرَ لَهُ الرِّيَاءُ وَهُوَ ضِدُّ الْإِخْلَاصِ فَيُنْفَى ذَلِكَ الْحُكْمُ كَمَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِالْإِيمَانِ بِسَبَبِ مُلَابَسَةِ الْكُفْرِ وَيَنْتَفِي الْحُكْمُ بِالْكُفْرِ بِسَبَبِ مُلَابَسَةِ الْإِيمَانِ وَمِنْهَا النِّيَّةُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةُ وَالصَّوْمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ إذَا حَصَلَتْ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ فَهِيَ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَحَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ بِأَنَّهُ نَاوٍ وَلَهُ أَحْكَامُ النَّاوِينَ لِتِلْكَ الْعِبَادَاتِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْمَعَانِي الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنْ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَحُبِّ السُّمْعَةِ وَالْإِذْلَالِ وَقَصْدِ الْفَسَادِ وَإِرَادَةِ الْعِنَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ وَالْمَعَانِي الْمَأْمُورُ بِهَا مِنْ حُبِّ الْمُؤْمِنِينَ وَبُغْضِ الْكَافِرِينَ وَتَعْظِيمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ وَقَصْدِ نَفْعِ الْإِخْوَانِ وَإِرَادَةِ الْبُعْدِ عَنْ حُرُمَاتِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَأْمُورَاتِ فَكُلُّ مَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي ثُمَّ غَفَلَ عَنْهَا كَانَ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حَتَّى يُلَابِسَ ضِدَّهُ وَكُلٌّ مِنْ الْمَعْنَى الْفِعْلِيِّ وَالْمَعْنَى الْحُكْمِيِّ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَنَاوَلَانِ الْعِبَادَاتِ الْعَادِيَاتِ دُونَ الطَّارِئَاتِ وَالتَّلْفِيقَاتِ فَإِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ أَبَدًا لِعَدَمِهَا فِيهَا كَمَا سَيَتَّضِحُ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَتَيْنِ الْجِهَةُ الْأُولَى أَنَّ الْمَعْنَى الْحُكْمِيَّ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ عَدَمِ الْمَعْنَى الْفِعْلِيِّ وَقَبْلَ مُلَابَسَةِ ضِدِّهِ وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْمَعْنَى الْحُكْمِيَّ تَابِعٌ وَفَرْعٌ لِلْمَعْنَى الْفِعْلِيِّ (وَصْلٌ) فِي تَوْضِيحِ هَذَا الْفَرْقِ بِخَمْسِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) عَدَمُ الْإِيمَانِ الْفِعْلِيِّ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا يَضُرُّ مِمَّنْ أُخْرِسَ لِسَانُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَذَهَبَ عَقْلُهُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا أَحْضَرَ الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ وَمَاتَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مَاتَ مُؤْمِنًا وَعَدَمُ الْكُفْرِ الْفِعْلِيِّ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا يَنْفَعُ فَمَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَخْرَسَ ذَاهِبَ الْعَقْلِ عَاجِزًا عَنْ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَحُكْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ حُكْمُ الَّذِينَ اسْتَحْضَرُوا الْكُفْرَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِالْفِعْلِ فَالْمُعْتَبَرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كُفْرٍ وَإِيمَانٍ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا سَهَا عَنْ السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَعَنْ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَنْضَافُ سُجُودُ الثَّانِيَةِ لِرُكُوعِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُجَدَّدَ قَصْدُ إضَافَتِهِ لِلْأُولَى عِنْدَ فِعْلِهِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ الْمُقَارِنَةَ لِأَوَّلِ الصَّلَاةِ إنَّمَا تَنَاوَلَتْ الْفِعْلَ الشَّرْعِيَّ لَا بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُرْقَعًا بَلْ بِوَصْفِ كَوْنِهِ عَلَى مَجَارِي الْعَادَةِ فِي الْأَكْثَرِ وَإِذَا لَمْ تَتَنَاوَلْ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ الصَّلَاةَ الْمُرْقَعَةَ الْخَارِجَةَ عَنْ نَمَطِ الْعَادَةِ لَمْ تَتَنَاوَلْهَا النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ الَّتِي هِيَ فَرْعُ الْفِعْلِيَّةِ كَذَلِكَ فَبَقِيَتْ الْمُرْقَعَةُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ وَلَا حُكْمِيَّةٍ فَاحْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ مُجَدِّدَةٍ لِلتَّرْقِيعِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرْقَعَةَ الْمَتْرُوكَ رُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا حَتَّى يَنْضَافَ إلَيْهَا سُجُودٌ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ إجْمَاعًا وَغَيْرُ الْمَشْرُوعَةِ قُرْبَةً لَا يُنْوَى شَرْعًا فَلَيْسَ فِيهَا نِيَّةٌ فِعْلِيَّةٌ قَطْعًا وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِيهَا نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ قَطْعًا فَإِنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا يَحْكُمُ بِاسْتِصْحَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>