للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ وَاجِبٍ قِيلَ فَإِنْ كَانَ الشُّرُوعُ غَيْرَ وَاجِبٍ فَقَدْ أَجْزَأَهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ فَخُصُوصُ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَغَيْرُ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ فَكَيْفَ أَجْزَأْته تَكْبِيرَةُ إحْرَامِهِ فَقِيلَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ أَيْضًا فِيهَا خُصُوصٌ وَهُوَ كَوْنُهَا بِالْجُمُعَةِ وَعُمُومٌ وَهُوَ كَوْنُهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ أَمَّا بِالْجُمُعَةِ وَأَمَّا بِالظُّهْرِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ فَقَدْ عَيَّنَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامٍ خَاصٍّ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ إذَا أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ الرُّبَاعِيَّةِ أَيْضًا خُصُوصُ إحْرَامِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ يُعَيِّنُ الْوَاجِبَ وَإِذَا عَقِلْتَ ذَلِكَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَاعْقِلْهُ فِي بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَفِي الرُّكُوعِ خُصُوصٌ غَيْرُ وَاجِبٍ وَعُمُومٌ وَاجِبٌ وَهُوَ مُطْلَقُ الرُّكُوعِ، وَفِي السُّجُودِ خُصُوصٌ غَيْرُ وَاجِبٍ وَهُوَ كَوْنُهُ فِي جُمُعَةٍ أَوْ فِي ظُهْرٍ وَعُمُومٌ وَاجِبٌ وَهُوَ مُطْلَقٌ السُّجُودِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ فَيَكُونُ الْحُرُّ إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي الْخُصُوصِيَّاتِ وَهِيَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ وَعَلَى الْعَبْدِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ تَكُونُ مِنْ بَابِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْبَحْثِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ فِي ظُهْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذَا صَلَّاهَا أَرْبَعًا أَيْضًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفْتَرِضٍ بِالْخُصُوصِيَّاتِ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ظُهْرِ غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ مُفْتَرِضٌ بِالْخُصُوصِيَّاتِ وَالْعُمُومِ فَاسْتَوَى الْحُرُّ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ أَنِّي لَمْ أَذْكُرْ أَنِّي رَأَيْت هَذَا الْفَرْعَ مَنْقُولًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَيَلْحَقُ بِالْعَبْدِ فِي هَذِهِ الْمَبَاحِثِ الْمُسَافِرُ وَالْمَرْأَةُ وَنَحْوُهُمَا حَرْفًا بِحَرْفٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْدِيدِ الْمَسَائِلِ بِذِكْرِهِمْ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) الْمُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ إمَّا شَهْرُ الْأَدَاءِ أَوْ شَهْرُ الْقَضَاءِ فَإِذَا اخْتَارَ صَوْمَ رَمَضَانَ فَهُوَ فَاعِلٌ لِخُصُوصٍ غَيْرِ وَاجِبٍ وَهُوَ كَوْنُهُ رَمَضَانَ وَعُمُومٌ وَاجِبٌ وَهُوَ كَوْنُهُ أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ فَأَجْزَأَ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ شَهْرَ الْقَضَاءِ فَخُصُوصُهُ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ خُصُوصُ الْقَضَاءِ لِتَعَذُّرِ غَيْرِهِ لَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ بِخُصُوصِهِ كَمَا يَتَعَيَّنُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا سِوَاهُ.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) الْمُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ إمَّا شَهْرُ الْأَدَاءِ أَوْ شَهْرُ الْقَضَاءِ قُلْت: ذَلِكَ صَحِيحٌ.

قَالَ (فَإِذَا اخْتَارَ صَوْمَ رَمَضَانَ فَهُوَ فَاعِلٌ لِخُصُوصٍ غَيْرِ وَاجِبٍ وَهُوَ كَوْنُهُ رَمَضَانَ وَعُمُومٍ وَاجِبٍ وَهُوَ كَوْنُهُ أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ فَأَجْزَأَ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ رَمَضَانَ) قُلْت: مَا قَالَهُ هُنَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ إذَا اخْتَارَ صِيَامَ رَمَضَانَ فَهُوَ فَاعِلٌ لِخُصُوصٍ وَاجِبٍ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ وَاجِبًا وَهُوَ قَدْ عَيَّنَهُ لِإِيقَاعِ الْوَاجِبِ كَمَا فُوِّضَ إلَيْهِ تَعْيِينُهُ وَقَوْلُهُ فَأَجْزَأَ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ رَمَضَانَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَهَلْ رَمَضَانُ إلَّا أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ وَهَلْ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ إلَّا رَمَضَانُ.

قَالَ (وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ شَهْرَ الْقَضَاءِ إلَى قَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

إلَى بَعْضٍ فَيُؤْخَذَ بِهِ وَيُعَانَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ رَبَّانِيُّو الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ فَمَالَ بِهِ طَبْعُهُ إلَيْهِ عَلَى الْخُصُوصِ وَأَحَبَّهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ تُرِكَ وَمَا أَحَبَّ وَخُصَّ بِأَهْلِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ إنْهَاضُهُ فِيهِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ إهْمَالٍ لَهُ وَلَا تَرْكٍ لِمُرَاعَاتِهِ، ثُمَّ إنْ وَقَفَ هُنَالِكَ فَحَسَنٌ وَإِنْ طَلَبَ الْأَخْذَ فِي غَيْرِهِ أَوْ طَلَبَ بِهِ فَعَلَ مَعَهُ فِيهِ مَا فَعَلَ فِيمَا قَبْلَهُ هَكَذَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ كَمَا لَوْ بَدَأَ بِعِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ الْأَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ فَإِنَّهُ يُصَرَّفُ إلَى مُعَلِّمِيهَا فَصَارَ مِنْ رَعِيَّتِهِمْ وَصَارُوا هُمْ رُعَاةً لَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ فِيمَا طَلَبَ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِهِمْ، فَإِذَا انْتَهَضَ عَزْمُهُ بَعْدُ إلَى أَنَّ صَارَ يَحْذِقُ الْقُرْآنَ صَارَ مِنْ رَعِيَّةِ مُفَسِّرِيهِ وَصَارُوا هُمْ رُعَاةً لَهُ كَذَلِكَ.

وَمِثْلُهُ إنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ أَوْ التَّفَقُّهَ فِي الدِّينِ إلَى سَائِرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِيعَةِ مِنْ الْعُلُومِ وَهَكَذَا التَّرْتِيبُ فِيمَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَصْفُ الْإِقْدَامِ وَالشَّجَاعَةِ وَتَدْبِيرِ الْأُمُورِ فَيُمَالُ بِهِ نَحْوَ ذَلِكَ وَيُعَلَّمُ آدَابَهُ الْمُشْتَرَكَةَ ثُمَّ يُصَارُ بِهِ إلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنْ صَنَائِعِ التَّدْبِيرِ كَالْعِرَافَةِ أَوْ النِّقَابَةِ أَوْ الْجُنْدِيَّةِ أَوْ الْهِدَايَةِ أَوْ الْإِمَامَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَلِيقُ بِهِ وَمَا ظَهَرَ لَهُ فِيهِ نَجَابَةٌ وَنُهُوضٌ وَبِذَلِكَ يَتَرَبَّى لِكُلِّ فِعْلٍ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةِ قَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ سَيْرٌ أَوَّلًا فِي طَرِيقٍ مُشْتَرَكٍ فَحَيْثُ وَقَفَ السَّائِرُ وَعَجَزَ عَنْ السَّيْرِ فَقَدْ وَقَفَ فِي مَرْتَبَةٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ بِهِ قُوَّةٌ زَادَ فِي السَّيْرِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى أَقْصَى الْغَايَاتِ فِي الْمَفْرُوضَاتِ الْكِفَائِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي يَنْدُرُ مَنْ يَصِلُ إلَيْهَا كَالِاجْتِهَادِ فِي الشَّرِيعَةِ وَالْإِمَارَةِ فَبِذَلِكَ تَسْتَقِيمُ أَحْوَالُ الدُّنْيَا وَأَعْمَالُ الْآخِرَةِ فَلَيْسَ التَّرَقِّي فِي طَلَبِ الْكِفَايَةِ عَلَى تَرْتِيبٍ وَاحِدٍ وَلَا هُوَ عَلَى الْكَافَّةِ بِإِطْلَاقٍ وَلَا عَلَى الْبَعْضِ بِإِطْلَاقٍ وَلَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْ حَيْثُ الْمَقَاصِدِ دُونَ الْوَسَائِلِ وَلَا بِالْعَكْسِ بَلْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ نَظَرٌ وَاحِدٌ حَتَّى يُفَصَّلَ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ وَيُوَزَّعُ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِمِثْلِ هَذَا التَّوْزِيعِ وَإِلَّا لَمْ يَنْضَبِطْ الْقَوْلُ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِنْ التَّجَوُّزِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ قِيَامٌ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ فَهُمْ مَطْلُوبُونَ بِسَدِّهَا عَلَى الْجُمْلَةِ فَبَعْضُهُمْ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا مُبَاشَرَةً وَذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهَا أَهْلًا وَالْبَاقُونَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَادِرُونَ عَلَى إقَامَةِ الْقَادِرِينَ فَمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْوِلَايَةِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ بِإِقَامَتِهَا وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا مَطْلُوبٌ بِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ إقَامَةُ ذَلِكَ الْقَادِرِ وَإِجْبَارُهُ عَلَى الْقِيَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>