للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَقْتِ كَمَا يَجْتَمِعُ الْأَدَاءُ وَالْإِثْمُ فِيمَنْ أَخَّرَ إلَى آخِرِ الْقَامَةِ وَهُوَ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إيقَاعِ الْفِعْلِ آخِرَ الْقَامَةِ فَقَدَرَ وَأَخَّرَ وَصَلَّى فَإِنَّهُ مُؤَدٍّ آثِمٌ وَيَجْتَمِعُ فِي حَقِّهِ الْأَدَاءُ عَلَى الْخِلَافِ وَالْإِثْمُ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي اجْتِمَاعِهِمَا آخِرَ النَّهَارِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعُهُمَا وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ عَدَمُ اجْتِمَاعِهِمَا فَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعُ الْإِثْمُ وَالْأَدَاءُ فِي حَقِّ فَرِيقَيْنِ مِنْ النَّاسِ أَحَدُهُمَا الْمُخْتَارُونَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ إذَا أَخَّرُوا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَ الْقَامَةِ وَمِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَوْ أَخَّرُوا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إلَى بَعْدِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ هَلْ هُوَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُهُ وَهَلْ تُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ إلَى الشَّفَقِ أَمْ لَا وَثَانِيهِمَا الْفَرْقُ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ عَدَمُ الْمُكْنَةِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فَيُؤَخِّرُونَ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّهُمْ آثِمُونَ مَعَ الْأَدَاءِ إذَا فَعَلُوا آخِرَ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فِي الْقَامَةِ لِلظُّهْرِ مَثَلًا وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَوْقَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَتَحَرَّرَ بِهَذَا الْفَرْقِ زَوَالُ مَا اسْتَشْكَلَهُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْنَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْإِثْمِ فَإِنَّهُمْ قَائِلُونَ بِهِ فِي الْفَرِيقِ الثَّانِي فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ فِي الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعُهُمَا وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ عَدَمُ اجْتِمَاعِهِمَا) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ الْإِشْكَالُ لَوْ كَانَ حَدُّ الْأَدَاءِ إيقَاعَ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الِاخْتِيَارِيِّ صَحِيحٌ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ كُتُبَ الْأُصُولِ مُجْمِعَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَمُصَرِّحَةٌ بِهِ إنْ أَرَادَ أَنَّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى إطْلَاقِ لَفْظِ أَنَّ الْإِجْزَاءَ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمَحْدُودِ لَهُ هَكَذَا فَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ كُتُبَ الْأُصُولِ مُصَرِّحَةٌ بِلَفْظِ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَثَلًا لِأَدَاءِ فِعْلِ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمَحْدُودِ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا أَعْرِفُ أَنِّي وَقَفْتُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إيقَاعِ الْفِعْلِ آخِرَ الْقَامَةِ فَقَدْرَ تَمَكُّنِهِ وَصَلَّى مَدًّا آثِمٌ إجْمَاعًا غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لِبَعْضِ النَّاسِ وَهُوَ بَاطِلٌ لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ.

قَالَ (فَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعُ الْأَدَاءُ وَالْإِثْمُ فِي حَقِّ فَرِيقَيْنِ مِنْ النَّاسِ أَحَدُهُمَا الْمُخْتَارُونَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ إذَا أَخَّرُوا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَ الْقَامَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَهَلْ تُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ إلَى الشَّفَقِ أَمْ لَا) قُلْتُ مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ الِاصْطِلَاحِ الْمُتَقَدِّمِ وَتَصْحِيحِ حَدِّهِ.

قَالَ (وَثَانِيهِمَا الْفَرِيقُ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ عَدَمُ الْمُكْنَةِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فَيُؤَخِّرُونَ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّهُمْ آثِمُونَ مَعَ الْأَدَاءِ إذَا فَعَلُوا آخِرَ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فِي الْقَامَةِ لِلظُّهْرِ مَثَلًا وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ) قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

قَالَ (وَتَحَرَّرَ بِهَذَا الْفَرْقِ زَوَالُ مَا اسْتَشْكَلَهُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْنَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْإِثْمِ فَإِنَّهُمْ قَائِلُونَ بِهِ فِي الْفَرِيقِ الثَّانِي فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ فِي الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ) قُلْتُ يَلْزَمُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ لِمَنْ.

قَالَ بِهِ مِنْ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مَحَلِّهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْغَيْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْوَضْعِ تَكْثِيرُ الْفَائِدَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ إذْ بِهِ تَثْبُتُ وَتَكْثِيرُ الْفَائِدَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِدَلَالَتِهِ عَلَى النَّفْيِ عَلَى الْغَيْرِ وَذَلِكَ دَوْرٌ ظَاهِرٌ. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ تَعَقُّلُ كَثْرَةِ الْفَائِدَةِ لَا حُصُولُهَا وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الدَّلَالَةِ حُصُولُ كَثْرَةِ الْفَائِدَةِ لَا تَعَقُّلُهَا.

وَأَمَّا الْوَجْهُ السَّادِسُ فَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ مُخَالِفًا لِلْمَذْكُورِ فِي الْحُكْمِ فَفِي نَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» يَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ السَّبْعُ مُطَهِّرَةً؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ إذَا حَصَلَتْ بِدُونِ السَّبْعِ فَلَا تَحْصُلُ بِالسَّبْعِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خَمْسُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ» يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْخَمْسُ مُحَرِّمَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَحْصُلُ بِدُونِ الْخَمْسِ فَلَا تَحْصُلُ بِالْخَمْسِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ.

وَأَمَّا ضَعْفُهُ فَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ السَّبْعِ عَلَى نَفْيِ الطَّهَارَةِ فِيمَا دُونَهَا حُصُولُ الطَّهَارَةِ قَبْلَ السَّابِعَةِ وَلَا مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ الْخَمْسِ عَلَى نَفْيِ تَحْرِيمِ الْمُرْضِعَةِ حُصُولُ التَّحْرِيمِ قَبْلَ الْخَمْسِ لِجَوَازِ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْرِيمُ وَأَنْ تَثْبُتَ النَّجَاسَةُ بِدَلِيلٍ آخَرَ.

أَمَّا فِي الرَّضَاعِ فَظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا فِي الْإِنَاءِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ الطَّهَارَةَ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ إلَّا أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى التَّنَجُّسِ قَائِمٌ هُنَا بِوُجُودِ النَّجَسِ وَهُوَ دَلِيلٌ قَاطِعٌ فَإِذَا لَمْ يَدُلَّ الْعَدَدُ عَلَى النَّفْيِ فِيمَا دُونَهُ بَقِيَ مَا كَانَ ثَابِتًا مِنْ النَّجَاسَةِ وَعَدَمِ التَّحْرِيمِ حَتَّى يَظْهَرَ الدَّلِيلُ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَضُدِ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحَاشِيَةِ السَّعْدِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَاك أَنَّ بُطْلَانَ الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لَا يُنْتِجُهُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَفْهُومِ فِي غَيْرِ الْغَالِبِ لَا فِي الْغَالِبِ دَاعٍ إلَى الِاضْطِرَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْغَالِبِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ بِذَلِكَ فِي بَيَانِ سِرِّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ مَا مَرَّ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ فِي جَوَابِهِ عَمَّا أَوْرَدَهُ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَالِبِ لَمَّا كَانَتْ فَائِدَتُهُ هِيَ التَّأْكِيدُ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ لِلْمُتَّصِفِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لِغَلَبَتِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ يُفْهَمُ مِنْ النُّطْقِ بِلَفْظِهَا أَوَّلًا لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى الْمَفْهُومِ ضَرُورَةَ أَنَّ فَائِدَةَ التَّأْكِيدِ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَالْمَفْهُومُ فَائِدَةٌ خَفِيَّةٌ؛ لِأَنَّ اسْتِفَادَتَهُ بِوَاسِطَةِ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَائِدَةٍ وَغَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>