أَمَّا ثَوَابُ الْوُجُوبِ فَلَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُشْتَرَكِ خَاصَّةً فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ وَمُتَعَلِّقَ ثَوَابِهِ يَجِبُ أَنْ يَتَّحِدَا أَمَّا إنَّهُ يَجِبُ شَيْءٌ وَيُفْعَلُ وَيُثَابُ ثَوَابَ الْوَاجِبِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا الْحُكْمُ الثَّالِثُ الْعِقَابُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا فَإِذَا تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَتَرْكُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِتَرْكِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ إذَا تَرَكَ الْبَعْضَ وَفَعَلَ الْبَعْضَ فَقَدْ فَعَلَ الْمُشْتَرَكَ وَهُوَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ الْمُعَيَّنِ فَيَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ الْعِقَابَ عَلَى تَرْكِهِ إذَا تَرَكَهُ تَرَكَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقَ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ وَمُتَعَلِّقُ الثَّوَابِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفِعْلِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
أَدْنَاهَا وَلَكِنْ يَكُونُ ثَوَابُ أَفْضَلِهَا ثَوَابَ وَاجِبٍ أَفْضَلَ وَثَوَابُ أَدْنَاهَا ثَوَابَ وَاجِبٍ أَدْوَنَ وَلَا وَجْهَ لِدُخُولِ النَّدْبِ هُنَا وَقَوْلُهُ فَلَا ثَوَابَ فِي الْخُصُوصِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الثَّوَابَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَا أَوْقَعَ وَلَمْ يُوقِعْ إلَّا الْخُصُوصَ.
قَالَ (أَمَّا ثَوَابُ الْوُجُوبِ فَلَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُشْتَرَكِ خَاصَّةً فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ وَمُتَعَلِّقَ ثَوَابِهِ يَجِبُ أَنْ يَتَّحِدَا أَمَّا أَنَّهُ يَجِبُ شَيْءٌ وَيَفْعَلُ وَيُثَابُ ثَوَابَ الْوَاجِبِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا) قُلْتُ مَا قَالَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ ثَوَابَ الْوُجُوبِ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُشْتَرَكِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مِنْ لُزُومِ تَوَارُدِ الْوُجُوبِ وَثَوَابِهِ عَلَى شَيْءٍ مُتَّحِدٍ صَحِيحٌ لَكِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي أَوْقَعَهُ وَلَيْسَ هُوَ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ وَلَا تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَلْ بِفَرْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِمَّا فِيهِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ وَالْإِيقَاعُ إفَادَةُ التَّعْيِينِ.
قَالَ (الْحُكْمُ الثَّالِثُ الْعِقَابُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا) قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ لَيْسَ مَفْهُومَ أَحَدِهَا.
قَالَ (فَإِذَا تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَتَرْكُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِتَرْكِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ إذَا تَرَكَ الْبَعْضَ وَفَعَلَ الْبَعْضَ فَقَدْ فَعَلَ الْمُشْتَرَكَ وَهُوَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ الْمُعَيَّنِ فَيَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ الْعِقَابَ عَلَى تَرْكِهِ إذَا تَرَكَهُ بِتَرْكِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقَ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ وَمُتَعَلِّقُ الثَّوَابِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفِعْلِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِتَرْكِ الْجَمِيعِ صَحِيحٌ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ الْبَعْضَ فَقَدْ فَعَلَ الْمُشْتَرَكَ إنَّمَا يَعْنِي فِعْلَ مَا فِيهِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ لَا الْكُلِّيُّ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ مَفْهُومُ أَحَدِهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْنِي مَا فِيهِ الْمُشْتَرَكُ أَوْ يَحْوِيهِ الْمُشْتَرَكُ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ حِينَئِذٍ عَلَى تَرْكِهِ إذَا تَرَكَهُ بِتَرْكِ الْجَمِيعِ صَحِيحٌ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقَ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ وَمُتَعَلِّقُ الثَّوَابِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفِعْلِ لَيْسَ كَمَا.
قَالَ فَإِنَّ مُتَعَلِّقَ الثَّوَابِ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فِعْلُ إحْدَى الْخِصَالِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا وَمُتَعَلِّقُ الْعِقَابِ تَرْكُ جَمِيعِهَا فَلَيْسَ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ هُوَ بِعَيْنِهِ مُتَعَلِّقَ الثَّوَابِ وَمُتَعَلِّقَ الْعِقَابِ مَعًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ هُوَ مُتَعَلِّقُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى الْجُمْلَةِ فَلِذَلِكَ وَجْهٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ أَيْ لَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْنَدِ فَهُوَ الْمَقْصُورُ عَلَى الْمُسْنَدِ إلَيْهِ وَهَلْ وَلَوْ عُرِّفَ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ أَيْضًا نَحْوُ الْكَرْمُ التَّقْوَى وَبِهِ صَرَّحَ السَّعْدُ فِي الْمُطَوَّلِ أَوْ إنْ عُرِّفَ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ بِهَا أَيْضًا احْتَمَلَ قَصْرَهُ عَلَى الْمُسْنَدِ أَوْ قَصْرَ الْمُسْنَدِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ حِينَئِذٍ قَصْرُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِغْرَاقِ وَشُمُولِ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ وَذَلِكَ أَنْسَبُ بِالْمُسْنَدِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ إلَى الذَّاتِ وَفِي الْمُسْنَدِ إلَى الصِّفَةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ السَّيِّدُ أَوْ إنْ عُرِّفَ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ بِهَا أَيْضًا فَالْأَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْهُمَا سَوَاءٌ قُدِّمَ وَجُعِلَ مُبْتَدَأً أَوْ أُخِّرَ وَجُعِلَ خَبَرًا يُقْصَرُ عَلَى الْأَخَصِّ نَحْوُ الْعُلَمَاءُ النَّاسُ أَوْ النَّاسُ الْعُلَمَاءُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ فَبِحَسَبِ الْقَرَائِنِ فَفِي نَحْوِ الْعُلَمَاءُ الْخَاشِعُونَ تَارَةً يُقْصَدُ قَصْرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْخَاشِعِينَ وَتَارَةً يُقْصَدُ عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ فَالْأَظْهَرُ قَصْرُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ وَمَعْنَى تَصَوُّرِ الْعُمُومِ فِي الْقَصْرِ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَعَمَّ مَفْهُومًا وَإِنْ تَسَاوَيَا مَا صَدَقَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَبْدُ الْحَكِيمِ أَقُولُ: وَالْجِنْسُ فِي الْخَبَرِ قَدْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَدْ يُقَيَّدُ بِوَصْفٍ أَوْ حَالٍ أَوْ ظَرْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ نَحْوُ هُوَ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ وَهُوَ السَّائِرُ رَاكِبًا وَهُوَ الْأَمِيرُ فِي الْبَلَدِ وَهُوَ الْوَاهِبُ أَلْفَ قِنْطَارٍ وَكَوْنُ التَّعْرِيفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَإِنْ عُلِمَ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَتَصَفُّحِ تَرَاكِيبِ الْبُلَغَاءِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ تَعْرِيفَ الْخَبَرِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ فِي قَوْلِ الْخَنْسَاءِ فِي مَرْثِيَةِ أَخِيهَا صَخْرٍ:
إذَا قَبُحَ الْبُكَاءُ عَلَى قَتِيلٍ ... رَأَيْتُ بُكَاءَكَ الْحَسَنَ الْجَمِيلَا
لَمْ يَكُنْ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ بُكَاءَكَ هُوَ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ فَقَطْ دُونَ بُكَاءِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ كَمَا تُوُهِّمَ بَلْ إنَّمَا هُوَ لِإِفَادَةِ الْإِشَارَةِ إلَى مَعْلُومِيَّةِ الْحَسَنِ لِذَلِكَ ادِّعَاءً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ لَا يُلَائِمُهُ إذَا قَبُحَ الْبُكَاءُ عَلَى قَتِيلٍ لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْبُكَاءَ عَلَى هَذَا الْمَرْثِيِّ قَبِيحٌ كَغَيْرِهِ وَالرَّدُّ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَوَهَّمِ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِ بُكَائِهِ مِنْ الْقُبْحِ إلَى كَوْنِهِ حَسَنًا وَيُتَصَوَّرُ فِي تَعْرِيفِ كُلٍّ مِنْ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ وَالْمُسْنَدِ كُلٌّ مِنْ قَصْرِ الْأَفْرَادِ وَقَصْرِ الْقَلْبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي تَعْرِيفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَاللَّامُ الْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ قَصْرُ الْأَفْرَادِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا فِيهِ عُمُومٌ كَالْجِنْسِ فَيُحْصَرُ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَلَا عُمُومَ فِي الْمَفْهُومِ الْخَارِجِيِّ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ قَصْرُ الْقَلْبِ فَيُقَالُ لِمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْمُنْطَلِقَ الْمَعْهُودَ هُوَ عَمْرٌو الْمُنْطَلِقُ