بَعْدَ تَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ مِنْ الْعِبَادِ حَادِثَةٌ فَالْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْحَادِثِ حَادِثٌ فَهِيَ سُلُوبٌ حَادِثَةٌ فَهِيَ أَبْعَدُ عَنْ انْعِقَادِ الْيَمِينِ مِنْ السُّلُوبِ الْقَدِيمَةِ لِاجْتِمَاعِ السَّلْبِ وَالْحُدُوثِ فِيهَا فَبَعُدَتْ مِنْ وَجْهَيْنِ بِخِلَافِ السُّلُوبِ الْقَدِيمَةِ إنَّمَا بَعُدَتْ مِنْ حَيْثُ السَّلْبُ فَاَلَّذِي يَقُولُ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِالصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ الثُّبُوتِيَّةِ يَقُولُ هَاهُنَا بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَاَلَّذِي يَقُولُ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ أَمْكَنَ أَنْ يَقُولَ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ هَاهُنَا لِأَجْلِ السَّلْبِ فَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ وَبِعَدَمِ انْعِقَادِهَا وَيَحْتَمِلُ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ نَقْلًا أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنِّي حَرَّكْت مِنْ وُجُوهِ النَّظَرِ وَالتَّخْرِيجِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَمِدَ الْفَقِيهُ عَلَيْهِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا (فَائِدَةٌ) السَّلْبُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى سَلَبَانِ سَلْبُ نَقِيصَةٍ نَحْوُ سَلْبِ الْجِهَةِ وَالْجِسْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَسَلْبُ الْمُشَارِكِ فِي الْكَمَالِ وَهُوَ سَلْبُ الشَّرِيكِ وَهُوَ الْوَحْدَانِيَّةُ فَاعْلَمْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(الْقِسْمُ الرَّابِعُ) مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الصِّفَاتُ الْفِعْلِيَّةُ كَقَوْلِهِ وَخَلْقِ اللَّهِ وَرِزْقِ اللَّهِ وَعَطَاءِ اللَّهِ وَإِحْسَانِ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَصْدُرُ عَنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْحَلِفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَا يُوجِبُ كَفَّارَةً إذَا حَنِثَ وَهَاهُنَا خَمْسُ مَسَائِلُ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْحَابُنَا: " مَعَادَ اللَّهِ لَيْسَتْ يَمِينًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَمِينَ " وَقِيلَ: مَعَادَ اللَّهِ وَحَاشَا اللَّهِ لَيْسَتَا بِيَمِينٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَعَادَ مِنْ الْعَوْدِ وَمُحَاشَاةُ اللَّهِ تَعَالَى التَّبْرِئَةُ إلَيْهِ فَهُمَا فِعْلَانِ مُحْدَثَانِ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَمِينَ وَقِيلَ إنَّ لَفْظَ مَعَادَ اللَّهِ كِنَايَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى فَإِنَّ مَعَادًا مِنْ الْعَوْدِ وَهُوَ اسْمُ مَكَانِ الْعَوْدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعُودُ إلَيْهِ الْأَمْرُ كُلُّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ} [هود: ١٢٣] فَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَكَانِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْمَعَادِ وَالْمَرْجِعِ مَجَازٌ وَالْمَجَازُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ فَهِيَ كِنَايَةٌ إذَا أُرِيدَ بِهَا الْمَجَازُ كَانَ حَلِفًا بِقَدِيمٍ وَهُوَ وُجُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَانَ مُنْصَرِفًا لِحَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْمَعَادُ الْحَقِيقِيُّ فَيَكُونُ حَلِفًا بِمُحْدَثٍ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ ثُمَّ إذَا أَرَادَ بِهِ الْحَلِفَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْصِبَهُ أَوْ يَرْفَعَهُ أَوْ يَخْفِضَهُ.
فَإِنْ نَصَبَهُ كَانَ التَّقْدِيرُ أُلْزِمُ نَفْسِي مَعَادَ اللَّهِ وَيَكُونُ الْإِلْزَامُ هَاهُنَا إلْزَامًا حَقِيقِيًّا لِمُوجِبِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ نِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الصِّفَاتُ الْفِعْلِيَّةُ كَقَوْلِهِ وَخَلْقِ اللَّهِ وَرِزْقِ اللَّهِ وَعَطَاءِ اللَّهِ وَإِحْسَانِ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ وَهَاهُنَا خَمْسُ مَسَائِلُ) قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْحَابُنَا مَعَادَ اللَّهِ لَيْسَتْ يَمِينًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَمِينَ وَقِيلَ مَعَادَ اللَّهِ وَحَاشَا اللَّهِ لَيْسَتَا بِيَمِينٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَعَادَ مِنْ الْعَوْدِ وَمُحَاشَاةُ اللَّهِ التَّبْرِئَةُ إلَيْهِ فَهُمَا فِعْلَانِ مُحْدَثَانِ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَمِينَ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ قُلْت مَا قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
عِلْمِهِ تَعَالَى وَعِلْمِ غَيْرِهِ لَمْ يَثْبُتْ فَيَتَعَذَّرُ قِيَاسُ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ بَلْ عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهَا وَعَدَمِ التَّعَذُّرِ نَلْتَزِمُ بُطْلَانَ قِيَاسِ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ بِمَنْعِ اللُّزُومِ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا لَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْكَلَامِ مَثَلًا لَزِمَ النَّقْصُ لِإِمْكَانِ أَنَّهُ نَقْصٌ فِي الشَّاهِدِ عِنْدَنَا فَقَطْ كَعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْوَلَدِ فَيَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ وَلَا نُسَلِّمُ تَعَذُّرَ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ بِبُطْلَانِهِ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَنَدًا لِإِثْبَاتِهَا فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ عَنْ الْإِيرَادِ الْمَذْكُورِ بِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْأَحْوَالِ وَالْحَقُّ خِلَافُهُ اهـ بِتَلْخِيصٍ وَتَوْضِيحٍ لِلْمُرَادِ.
قُلْت وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَنَدًا لِإِثْبَاتِهَا أَيْ فَإِنَّهَا قَدْ تَثْبُتُ بِوُرُودِ إطْلَاقِ مُشْتَقَّاتِهَا عَلَيْهِ تَعَالَى وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ مَعَ إجْمَاعِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالْأَدْيَانِ وَجَمِيعُ الْعُقَلَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ نَعَمْ فِي الْأَمِيرِ عَلَى عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ وَفِي الْخَيَالِيِّ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْمُشْتَقِّ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمَأْخَذِ فِي السَّعْدِ إنْ أَرَادُوا اقْتِضَاءَ ثُبُوتِ الْمَأْخَذِ فِي نَفْسِهِ بِحَسَبِ الْخَارِجِ فَمَنْقُوضٌ بِمِثْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَوْجُودِ أَيْ مِمَّا لَا يَقْتَضِي الْغَيْرِيَّةَ وَإِنْ أَرَادُوا ثُبُوتَهُ لِمَوْصُوفِهِ بِمَعْنَى إنْصَافِهِ بِهِ فَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ غَرَضُهُمْ.
قَالَ الْأَمِيرُ وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَكِيمِ فِي دَفْعِ النَّقْضِ قِيلَ فَرَّقَ لِأَنَّ الْمَأْخَذَ أَيْ فِي صِفَاتِ الْمَعَانِي تُثْبِتُ غَيْرِيَّتَهُ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْغَيْرِيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ فِي حَقِّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْخَصْمِ وَفِي الْخَيَالِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمَوَاقِفِ لَا تَثْبُتُ فِي غَيْرِ الْإِضَافَةِ وَفِي عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ بِالْحَرْفِ قَالَ صَاحِبُ الْمَوَاقِفِ إلَّا حُجَّةً عَلَى ثُبُوتِ أَمْرٍ سِوَى الْإِضَافَةِ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الْعَالِمُ عَالِمًا وَالْمَعْلُومُ مَعْلُومًا قَالَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ زِيَادَةِ الصِّفَاتِ وَعَدَمِ زِيَادَتِهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا تَكْفِيرُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَقَدْ سَمِعْت بَعْضَ الْأَصْفِيَاءِ أَنَّهُ قَالَ عِنْدِي إنَّ زِيَادَةَ الصِّفَاتِ وَعَدَمَهَا وَأَمْثَالَهُمَا لَا يُدْرَكُ إلَّا بِكَشْفٍ حَقِيقِيٍّ لِلْعَارِفِينَ وَأَمَّا مَنْ تَمَرَّنَ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَإِنْ اتَّفَقَ لَهُ كَشْفٌ فَإِنَّمَا يَرَى مَا كَانَ غَالِبًا عَلَى اعْتِقَادِهِ بِحَسَبِ النَّظَرِ الْفِكْرِيِّ وَلَا أَرَى بَأْسًا فِي اعْتِقَادِ أَحَدِ طَرَفَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ.
قَالَ الْأَمِيرُ وَلَوْ اُخْتِيرَ الْوَقْفُ لَكَانَ أَنْسَبَ وَأَسْلَمَ مِنْ